مراجعة التراث الأصولي والمقصدي في ضوء الكليات القرآنية عند الأستاذ عبد السلام ياسين

0 88

أ. د محماد بن محمد رفيع /أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة

بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس/ المغرب

agamroule@yahoo.fr

 

مقدمة

لا ريب أن المشاريع العلمية الكبرى التي تثمر إثراء للفكر، وإبصارا للرؤية، وتسديدا للفعل الإنساني في الواقع، إنما تستمد قوتها وتكتسب جدواها من انغراسها في أعماق هوية أمتها، واستجابتها لمطالب هذه الأمة وتلبية حاجياتها، ذلك ما تميز به في تقديري “مشروع المنهاج النبوي” للأستاذ عبد السلام ياسين الذي انطلق أصلا من أسئلة الزمن الحارقة، وكشف عن عللها الموجبة ليبحث لها عن أجوبة مؤصلة من وحي الله كتابا وسنة بنظر كلي مقاصدي.

وفي سياق البحث عن علل السؤال العلمي والثقافي في حاضر الأمة، وعن أصالة الجواب قام الأستاذ ياسين بمراجعة التراث العلمي الإسلامي مراجعة فاحصة قاصدة، التزم فيها منهجا وسطا بين الغالين المقدسين لهذا التراث، وبين المنتحلين المسفهين له، فكان للرجل وقفات عميقة مع مختلف معارف التراث في غاية العدل والإحسان، آثرت أن يكون بحثي في واحدة من تلك العلوم والمعارف التراثية التي تناولها الأستاذ ياسين في مراجعاته، وهو التراث الأصولي والمقصدي، وذلك بالنظر إلى ما يمثله العلمان من مدخل منهجي وفلسفي معياري لأي مراجعة أو تجديد أو اجتهاد في الشريعة الإسلامية، أو توجيه لحياة المسلمين.

فإذا كانت أصالة أي مراجعة وعمقها ومشروعيتها إنما تتحدد بمقدار صلتها بأصل الشريعة الأول كتاب الله تعالى، فالأستاذ ياسين اعتمد في مراجعاته للتراث الإسلامي عموما والأصولي خصوصا معيار القرآن شاهدا صادقا ثابتا، ترجمه في كليات ثلاث: الشورى والعدل والإحسان.

ومقصدي من هذا البحث هو تفصيل القول في مراجعة الأستاذ ياسين للدرس المقصدي والأصولي سواء من حيث المداخل المنهجية لهذه المراجعة، أو من حيث موضوعاتها وقضاياها، فكان مقتضى الإحاطة بالموضوع أن ترتب معالجته التفصيلية وفق التصميم التالي:

مقدمة: وهي ما نحن فيه

المبحث الأول: الأصول المنهجية لمراجعة التراث المقصدي والأصولي عند الأستاذ ياسين

المبحث الثاني: موضوعات المراجعة للتراث المقصدي والأصولي عند الأستاذ ياسين

خاتمة: خصصتها لأهم ما أسفر عنه البحث من نتائج وتوصيات.

أما المنهج التي توسلت به في إدارة قضايا هذا الموضوع فيجمع بين استقراء المادة العلمية من مظانها الأصلية ممثلة في تراث الأستاذ ياسين، ومظان تبعية تمثلت في مراجع أخرى مقارنة ومساعدة، وتحليل المادة العلمية وتعليل قضاياها وتأصيلها، ومقارنة آراء الأستاذ بغيره، ثم صوغ ذلك وتركيبه في سياق التصور العام للبحث.                                          

المبحث الأول: الأصول المنهجية

لمراجعة التراث المقصدي والأصولي

عند الأستاذ ياسين

تعد مراجعة وتقويم التراث الأصولي والمقصدي واحدة من القضايا العلمية المركزية التي يتأسس عليها مشروع نظرية المنهاج النبوي للأستاذ عبد السلام ياسين، سلك في هذه المراجعة مسلكا منهجيا متميزا يقوم على الأصول الثلاثة التالية:

الأصل الأول: تحكيم القرآن في مراجعة الأستاذ ياسين للتراث الأصولي

إن مراجعة التراث الإسلامي عموما، والتراث الأصولي خصوصا، ليس القصد منها عند الأستاذ ياسين مجرد إنتاج دراسات علمية نقدية في قضايا التراث لمزاحمة أهل التخصص الأكاديمي في الموضوع، والرد على المخالفين منهم، وإنما القصد هو البحث عن أوجه الإفادة من مخزون التراث، تقويما لعاجل الزمان وتنظيرا لآجله، لذلك ألفينا الرجل يتمسك بالقرآن معيارا ثابتا في هذه المراجعة، وذلك من وجهين اثنين:

الوجه الأول: تقرير مبدأ الاحتكام للقرآن

لا شك في أن الاحتكام إلى القرآن في قضايا الحياة أصل عقدي مسلم به عند المسلمين، نصت عليه آيات كثيرة من كتاب الله تعالى، منها قوله سبحانه في تقرير مبدأ الاحتكام العام: “ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون” (المائدة:46)، وقوله سبحانه: “ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون” (المائدة: 47)، وقوله سبحانه في تقرير معيار الفصل في حالة التنازع: “فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تومنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تاويلا” (النساء: 58).

وبمقتضى هذا الأصل وإيمانا به اختار الأستاذ ياسين القرآن معيارا مركزيا ثابتا في تقويم التراث الأصولي، في الوقت الذي يحكم الكثيرون ممن يتزاحمون على قراءة التراث العلمي الإسلامي ونقده ولومه مبادئ ومناهج ملتقطة ومستعارة من سياقات

معرفية مقارنة[1]، ولذلك قرر الأستاذ ياسين أن الاحتكام للقرآن والاستجابة لأوامره ونواهيه متفرع عن الإيمان والتعلق به، والكفر مانع من ذلك كله[2]، يقول: “إنما يحتكم إلى القرآن، ويرقي فهمه إلى التلقي عن القرآن، ويحفظ حرمة القرآن، من كان القرآن ربيع قلبه، والنظر فيه قرة عينه، والامتثال له راحة روحه، لا يضيره مع هذا أن يستفيد من علوم الأئمة[3].

كما أن التقليد في نظر الأستاذ ياسين مانع ثان من الاحتكام للقرآن لما يشكله تقليد الرجال، وتقديس اجتهاداتهم، من حُجُب معرفية ومنهجية بين المقلد ومصدر الهداية المعرفية في كتاب الله، يقول الأستاذ ياسين: “لا يستطيع التجرد لحاكمية القرآن المباشرة وتحكميه المقلدة الذين رقدوا عند قدمي فحل من فحول العلماء الماضين إلى عفو الله إن شاء الله، جاهلين نسبية ذلك الفحل أو ذلك المذهب ومحدوديته في إطار تاريخه، وتاريخ الحكم في عهده، وملابسات اجتهاده السياسية، والاجتماعية، والشخصية ،والصراعية المذهبية التي خاضها”[4].

ولذلك فالاحتكام للقرآن في نظر الأستاذ ياسين مشروط بالتحرر من عائقي الكفر وسلطان التقليد، ليتمكن الناظر في التراث الفقهي من التمييز بمعيار القرآن بين أصيله ودخيله، وبين المفيد المناسب وبين غيره،فنفيد من تراث سلفنا ما ينفع واقعنا وقضايانا مما يشهد له القرآن، يقول الأستاذ ياسين: “في تجارب سلفنا الصالح من العلماء وفي محاولاتهم واجتهاداتهم ما هو حريّ بإثراء تجربتنا، وتقويم محاولاتنا، وتوجيه اجتهادنا إن نحن وضعناها جميعا أمام القرآن والقرآن يحكم، نفحصها على ضوئه، في نشوئها وتسلسلها، وتعاقب أشكالها ومناهجها، وتأثرها بحركة الحياة العامة وتأثيرها فيها، وإقدامها وإحجامها، ونتائج صوابها وخطإها”[5].

والنظر المتحرر من سلطان التقليد في تراث السلف العلمي على أساس الشاهد القرآني شرط لازم لحفظ المرتبة النسبية لتراث الاجتهاد الفقهي دون مرتبة الوحي، وحينئذ “لا يضيرني أن أتخذ عالما وفقيها ومذهبا دليلا في سفري العقلي مادامت الدلالة والتفقه والتأصيل عمليات تتم تحت ضوء القرآن ونور السنة”[6]، كما لا يخشى على الناظر في التراث بمقتضى هذا الشرط منزلق الاستلاب أمام الواسطة الاجتهادية والاحتجاب بها عن المصدر الأصلي في استمداد المعرفة، فالمفسر لا ينبغي أن يشغل عن التفسير “ولا رأي المفتي الحكم ولا الحكم عن الحاكم جلّ وعلا”[7].

الوجه الثاني: تحكيم الكليات القرآنية

كان مدار مراجعة التراث الأصولي وتقويمه عند الأستاذ ياسين على كليات هذا التراث لا على جزئياته، لذلك  التمس من القرآن الكريم كليات معيارية تستجيب لمطالب القرآن التي يراها الأستاذ غائبة في واقع الأمة المسلمة، واختفت في وقت مبكر من تاريخها، ومطلوبة لمستقبلها، وهو ما مكن الرجل من الوضوح المنهجي في مراجعته والمعالجة الوظيفية لتقويمه، وهي كليات ثلاث: العدل والإحسان والشورى[8]، فعلى أساسها يراجع التراث الاجتهادي، يقول: “أمام القرآن وهو يحكم نسائل تلك التجارب وذلك الاجتهاد عما فعل العدل الذي أمر الله عز وجل به في القرآن؟ وأنى سارت الشورى وصارت؟ وأيّةً سلك الإحسان؟ ماذا فعل كل أولئك في فقه هذا المذهب، وسلوك تلك الطائفة، واستبداد ذلك السلطان “[9].

فبقدر ما يمكن الاعتماد المنهجي لهذه الكليات المعيارية من النفاذ المباشر لعمق الإشكالات في تراثنا المعرفي بقدر ما يساعد على الإبصار الشمولي لأثر تلك الكليات في تموجات التاريخ حضورا وغيابا، يؤكد الأستاذ ذلك بقوله: “إن ارتفعنا بإزاء القرآن وقارنَّا بأهل القرآن يبدو لنا المسلمون الذين عانوا من بعدهم ما عانوا واجمين تحت ظلة أظلمها ذهاب الشورى، وكدَّرها انعدام العدل، وسوَّدها استتار أهل الإحسان وهروبهم من الميدان”[10].

أما إذا تساءلنا عن حجية اعتماد هذه الثلاثية القرآنية معيارا في التقويم الكلي للتراث الأصولي، فإن الأستاذ ياسين يؤكد أن ” الحكم بما أنزل الله من شورى وعدل وإحسان هذه مطالب قرآنية لا نحتاج لإثباتها وإيجابها على أنفسنا بما أوجبها الله لسلوك طرائق المتقدمين[11] في الاستدلال”[12]، كما أكد ثبات وكلية تلك الثلاثية من حيث إنها من كليات الشريعة التي لم يطرأ عليها تغيير لمراد الله تعالى من آياته فيها[13]، وفيما يلي نفصل القول تحقيقا فيما ذكر عن هذه الكليات إجمالا:

1) معيار كلية الشورى:

يرى الأستاذ ياسين[14] أن الشورى فرضها الله عز وجل كما فرض الصلاة وسائر التكاليف الشرعية وعين لها مرتبة ضمن أعمال الإيمان ودرجات الإحسان، وذلك في قول الله تعالى: “وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ. وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ. وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ” (الشورى:37 ويرى الأستاذ أن ورود الشورى في سياق من الفرائض القلبية والخلقية والعقلية والعملية[15]، أوَّلُها الإيمان وآخرها الانتصار على البغي[16]، ورود قصدي دال على الترابط الشرطي بين تلك الفرائض، بحيث “يرفع الشورى إلى مستوىً آخرَ غيرِ مستوَى الديمقراطية، ويدُلّ على أنها من غير جنسِها.”[17].

فأي محاولة لتجريد كلية الشورى من سياقها المتماسك فهي فصل بين الشورى وهويتها، بل هي في نظر الأستاذ عبث في الدين[18]، ثم لا تتحقق النتيجة المرجوة من الشورى، يقول الأستاذ: “فإذا أفردت الشورى من السياق وقطعتها فقد ابْتَسرتَ المسلسل فلا تحصل على نتيجة “[19]، كما أن انخرام أحد شروط السياق يجعل الشورى في نظر الأستاذ “مجرد عارية، ومَحْض اسم على غير مُسَمّىً”[20].

وبناء على هذه المقدمات الحجاجية يقرر الأستاذ ياسين أن الشورى نظام متكامل مترابط يقوم على الأخوة الإيمانية الجامعة بين القلوب والشورى الناظمة للآراء[21] والطاعة الموحدة للجهود والأعمال[22]، غايته طاعة الله في إقامة العدل بين الناس خاصة، وفي أمره كله عامة[23].

وينتقد الأستاذ الرأي القائل بإعلامية الشورى ويبرز مرجوحيته بقوله: “وما كان للشورى أن تكون “مُعلمة” يجوز لولي الأمر أن يتبع أو يترك. فالذي جاءت به السنة من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل الخلفاء الراشدين أنهم كانوا يعملون بما قرت عليه آراء الأغلبية”[24]، وأنها ركن “من أركان الحكم. أنزلها الله للتطبيق لا للتسلية. فهي واجبة على المسلمين”[25]، وهذا مذهب المحققين من أهل العلم، قال ابن عطية: “الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام، ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب، هذا ما لا خلاف له “[26].

2) معيار كلية العدل

العدل في الشريعة عبارة عن الاستقامة على الطريق الحق بالاختيار عما هو محظور دينا[27]، ويرى الطاهر بن عاشور أن ” العدل مساواة بين الناس، أو بين أفراد أمة في تعيين الأشياء لمستحقها وفي تمكين كل ذي حق من حقه بدون تأخير”[28]، وقد تميز ورد العدل في القرآن بأن جاء بأقوى صيغة للتكليف والإلزام في قوله تعالى: “إن الله يامر بالعدل والاحسان “(النحل: 90)، وورده كذلك مقصدا أسمى لبعثة الأنبياء والرسل في قوله سبحانه: “لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط”(الحديد:24) ، فاكتسب بذلك معنى أعم وأشمل حتى عده ابن عاشور “الأصل الجامع للحقوق الراجعة إلى الضروري والحاجي من الحقوق الذاتية وحقوق المعاملات “[29].

لذلك وجدنا الأستاذ ياسين يقرر بالقطع مركزية معيار العدل في الشريعة، فيقول: “العدل أم المصالح التي يقصد إليها الشرع. هو صُلب الدين، وحوله تُطيفُ همومُ المسلمين، وبه بعث الله الرسل والنبيئين، مبشرين ومنذرين”[30]، كما أن العدل في نظر الأستاذ أساس الصلاح “وركن ركين في صرح الدولة الإسلامية، وعلى إقامتهما مدار صلاح الحكم، والاقتصاد، والشورى، والإدارة، والأمر كله”[31]، فلا يحمي الأمن الاقتصادي والعسكري، والاستقرار السياسي والاجتماعي، سوى العدل الذي يبني ما خربه الظلم، ويحيي ما أماته، ويحرك ما أخمده، وينير ما أظلمه [32].

ولبيان شمولية العدل وكليته، تحدث الأستاذ عن ثلاث مراتب رئيسة:

أ- مرتبة الحكم: وعدل الحكم إنما يكون بالشورى وتحكيم الشريعة، لأن الحكم بغير ما أنزل الله سقوط في الظلم الأكبر، وهو الاشتراك مع الله عز وجل في حاكميته، ومن هذا الظلم يتفرع ظلم القضاء وفساد المحاكم وتفشي الرشوة والإدلاء بالأموال في الباطل[33]، والله تعالى يأمرنا أن نلزم العدل في الحكم إدارة وقضاء، فقال: “وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم” (المائدة:49)، وقال: “وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل” (النساء:58).

ب- مرتبة الاقتصاد والاجتماع: وهي التزام العدل في القسمة الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بالقسمة الرشيدة للثروات بين العباد، يقول الأستاذ ياسين: “القسمة العادلة للمال والأرزاق مطلب شرعي لا يقل أهمية عن مطلب العدل الحكمي والقضائي”[34].

ج- مرتبة القضاء: ويعتبر الأستاذ ياسين العدل فيها من أهم أركان العدل[35]، لقول الله تعالى: “وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل” (النساء:57)، غير أن هذه المراتب الثلاث في نظر الأستاذ ياسين مترابطة فيما بينها ومتكاملة، يقول: “هما عدلان مترابطان متلازمان. عدل القاضي والحاكم، يطبقان شرع الله عز وجل في إعطاء حقوق العباد وإنصاف بعضهم من بعض، وعدل القسمة الاقتصادية الاجتماعية. والظلم في الحكم والجور في القسمة عديلان لا يفترقان”[36].

3) معيار كلية الإحسان:

لقد تتبع الأستاذ ياسين موارد لفظة الإحسان في الكتاب والسنة فألفاها لا تخرج عن معاني ثلاثة[37]:

  • المعنى التربوي الإيماني ممثلا في كون الإحسان يمثل الرتبة العليا في الدين بعد الإسلام والإيمان كما في حديث جبريل “أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك” [38]، وقد ورد القرآن بالمدح والثناء على المحسنين في مواطن عدة منها قوله تعالى: “إن الله يحب المحسنين” (البقرة: 195) وقوله “والله يحب المحسنين” [39]وقوله عز من قائل: “إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون” (النحل: 128).
  • المعنى الاجتماعي ممثلا في تحسين العلاقة بخلق الله, ابتداء بالوالدين “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا”(الإسراء:23)، فالأقربين واليتامى والمساكين والناس أجمعين، كما أمر الحق سبحانه في قوله: “وقولوا للناس حسنا” (البقرة:83).
  • معنى المهارة والإتقان كما في قوله صلى الله عليه وسلم: “إن الله كتب الإحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة” [40].

فهذه المعاني الثلاثة مترابطة ومتكاملة، ذلك أن المعنى الثالث عائد إلى الأول, وحصول الأول متوقف إلى حد على الثاني والثالث وهكذا[41]، فتشكل بذلك مفهوما جامعا لمدلول الإحسان وكلية ناظمة لمختلف تصرفات المكلف المسلم، لذلك اعتمدها الأستاذ ياسين كلية معيارية في مراجعة تراث الاجتهاد الفقهي.

الأصل الثاني: مراجعة التراث في سياقه التاريخي:

لما كان تراث الاجتهاد الأصولي ثمرة تفاعل جهد بشري مع نصوص الوحي في الزمان والمكان وفق مقاصد وإرادات وإكراهات، كان المدخل الصحيح لفهم مضامين هذا التراث واستيعاب قضاياه أن يدرس في سياقه التاريخي الذي أنتج فيه، لذلك أصر الأستاذ ياسين على الربط المنهجي بين تراث الاجتهاد الأصولي وإطاره التاريخي بملابساته وأسئلته وقضاياه، خلافا لمن ألف دراسة معارف التراث مجردة من سياقها التاريخي.

وقد اتخذ الأستاذ ياسين حدث تحول الحكم الإسلامي من نظام الخلافة الراشدة إلى نظام الملك العاض زمن الأمويين وما تلا ذلك من أحداث عظام ومآسي جسام[42] مرتكزا منهجيا يميز به بين طبيعة الاجتهاد الأصولي زمن الخلافة الراشدة القائمة على العدل والشورى وبيعة الاختيار، وبين عهد الملك العاض القائم على عصبية السيف والإكراه وبدعة الوراثة في الحكم[43]، وذلك لما لهذا الحدث من أثر في التحولات العامة في الأمة وفي الجانب المعرفي خصوصا، لذلك لزم النظر حسب الأستاذ ياسين إلى التراث العلمي “من حيث موقعه من الحكم، والظرف التاريخي، والصراعات المذهبية، وموقف أهل العلم رضي الله عنهم المحافظ المشفق على بيضة الأمة أن ترام، وعلى حماها أن يضام”[44].

فالعلماء بعد انتقاض عروة الحكم الذي يسميه الأستاذ الانكسار التاريخي[45] فقدوا حرية الاجتهاد، ودخلوا في ظروف اسثنائية وفتن مظلمة أحاطت بهم حتى أصبحوا بعبارة الأستاذ “رهائن مقهورة في قبضة العض والجبر، لم يخلفوا لنا إلا نثارا من العلم لا يجمعه مشروع متكامل، لأن الحديث عن الحكم وسلطانه ما كان ليقبل والسيف مصلت، وما كان بالتالي ليعقل أو ينشر، إلا إذا احتمى في جزئيات “الأحكام السلطانية” التي تقنن للنظام القائم، لا تتحدث عنه إلا باحترام تام، أو دخل في جنينات آداب البلاط المزينة بفضائل الأمراء وحِكَمِ الإحسان الأبوي إلى الرعية.” [46].

فالأستاذ ياسين حرص على إبراز الواقع البئيس، والظرف الخطير، الذي عاشه علماء السلف، وقاومه بعضهم بفقه العزيمة والاختيار، وصانعه آخرون بفقه الترخص والاضطرار، لأن الكل مدفوع عن دائرة الشأن العام “فإن أبدى المجتهد رأيه في “السياسة الشرعية” فإنما هو آمر بالمعروف ناه عن المنكر من خارج، وفي حدود لا ينبغي أن يتعداها” [47]، وهي الظروف التاريخية الاستثنائية التي تلت الانقلاب الأموي على الحكم الإسلامي، وتطورت سوءا مع الزمان وازدادت قتامة مع الأحداث، فآل الأمر  بعد طول مقاومة ومصابرة حسب الأستاذ ياسين إلى انحباس الإنتاج المعرفي بإعلان انسداد باب الاجتهاد نهاية القرن الرابع الهجري[48].

فحرص الأستاذ ياسين على ربط المنتج المعرفي التراثي بالسياق التاريخي الذي ظهر فيه بأسئلته وقضاياه وإكراهاته أكسبه رؤية واضحة للموضوع، تأسست على تعليل الأحكام ، وربط الآراء والمواقف بأصولها، الأمر الذي مكن الأستاذ من التزام مبدأ الانصاف في قراءته للتراث، فحين تحدث على سبيل المثال عن أصول فتوى “الاستيلاء على الحكم” في تراث الفقه الإسلامي، وما أثارته من جدال ونزاع بين العلماء، لم يجرد المسألة من سياقها التاريخي وإنما ربطها بظروف القول بها فأحسن الظن بالقائلين بها وأعذرهم، لأنهم إنما يلتمسون في نظره الحق لا يفترون عنه “لكنْ أوقفهم عنه واقع حكم عاض له عصبية بها يقوى وليس مع العلماء قوة منظمة”[49].

وعلى ذات المنوال فسر الرجل ما ذهب إليه أهل مقاصد الشريعة من التعبير عنها بصيغة الحفظ بما كانوا عليه من استعلاء حضاري فقدته الأمة اليوم، حيث يقول: “كان علماؤنا يتكلمون من موقع استعلاء حضاري. لم يكن أمامهم أي تحد معنوي يصول عليهم بتفوق نموذجه. لذلك كان حفظ ما عندهم غاية سُؤْلهم”[50].

الأصل الثالث: اعتبار حال الزمان وأهله

تستند مراجعة الأستاذ ياسين لتراث الاجتهاد الأصولي في أصلها الثالث إلى اعتبار حال الزمان وأهله، وهو أصل معتبر في تنزيل الأحكام الشرعية على مناطاتها الجالبة للمصلحة والدافعة للمفسدة في الزمان والمكان والحال تحقيقا لمقصود الشارع، فليست النفوس في قبول الأعمال الخاصة على وزان واحد كما يقول الشاطبي في حق آحاد الأمة[51] فما بالك إذا تعلق الأمر بمجموع الأمة.

والأستاذ ياسين إنما انطلق في مراجعاته للتراث من واقع حال الأمة وإشكالاته الكبرى ومطالبه الكلية لأنه المقصود بمشروع المراجعة تغييرا وإصلاحا من أجل الانتقال به من درك الفتنة تحت الحكم الجبري إلى التمكين الحضاري تحت الخلافة الثانية على منهاج النبوة، فجاءت مراجعاته لتراث الدرس الأصولي بعيدة عن المقاربات النظرية المجردة، ومرتبطة بما يجيب عن أسئلة الزمان الحاضر التي منها انطلق أصلا في مشروعه التقويمي الذي يلخص هدفه في قوله: “لكن الذي نحن بحاجة إليه هو الفقه الكلي الذي يشمل كل العبادات الفردية والمعاملات الجزئية، في نسق واحد يؤدي وظيفة إحياء الأمة وإعادتها إلى حضن الشريعة وصراط الله.”[52].

وقد أفصح الأستاذ ياسين بوضوح تام عن أصل اعتبار حال الزمان في منهج مراجعاته إلى جانب الأصل الشرعي حين قال: “نرجع إلى تأصيلاتهم ناظرين إليها من إزاء القرآن والسنة، ناظرين إليها أيضا من زاوية واقعنا وظروفنا “[53]، ومقتضى القول بمراعاة الواقع وظروفه الانطلاق من إشكالاته وأسئلته في النظر إلى تراث السلف تثمينا وترتيبا، ذلك أن “ما عشناه من نكبات احتلال القدس، وخذلان حكام الجبر للأمة، بما منعوها من توحيد جهودها لتجاهد عدوها، وبما بددوا من أرزاق، وبما والَوا الكفار وضحوا بالمقدسات ليحتفظوا بالسلطان مهما تمزقت الأمة وافترقت وأُهينت، كل ذلك يلح على ضميرنا لنعيد النظر فيما رتبه علماؤنا من قبلنا في حديثهم عن مقاصد الشريعة”[54].

فهذه الإشكالات الكبرى والأسئلة القلقة التي يفرزها واقع الأمة تدلل على الفروق الكبيرة بين الزمن الحالي، والزمن الماضي الذي أنتج فيه التراث العلمي موضوع المراجعة، فإذا اختلفت الأسئلة ومقاصد القول اختلفت الأجوبة لزوما، فلزم بهذا المقتضى أن تجري المراجعة على وفق مطلوب الواقع[55].

وهذه الفوارق بين الزمانين جعلت الأستاذ ياسين يدرك أن المقاربة الجزئية لأسئلة الزمان الماضي لا تسعف كثيرا في مقاربة أسئلة الزمان الحاضر، نظرا لبساطة تلك الأسئلة وتعقد وتشابك هذه، فتعين أن يكون النظر كليا في التماس مطلوب الواقع، يقول الأستاذ: “نحن في زماننا نقدر أن ما ضاع منا كثير وأن ما بقي آئل إلى ضياع إن لم ننهض للطلب، طلب الإسلام كله، طلب الإيمان بشعبه، طلب الخلافة على منهاج النبوة، طلب الشورى والعدل والإحسان.”[56].

وبناء على هذا الاختلاف في الموضوع الذي اقتضى اختلاف المنهج، أو بالتعبير الأصول اختلاف المناطات التي استوجبت اختلاف الأحكام، راح الأستاذ ياسين يتتبع مفاسد الواقع التي حلت بالأمة من باب ضياع المصالح، فرتب مطالب واقع الأمة ترتيبا أولويا كليا، فقرر أن واقع الأمة الآن يجعل من وحدة الأمة أم المقاصد[57]، وأن الوسيلة العملية لتحقيق هذا المقصد العظيم، والشرط الأول لتنفيذه “إنشاء جماعة منظمة تكون دعوة وتؤسس دولة الخلافة”[58]، ولذلك فإن تتبع ما أثله العلماء ورتبوه على سبيل المثال في موضوع مقاصد الشريعة في نظر الأستاذ من شأنه أن يكشف لنا “في كل موقع دعوا إلى حفظه مضيعة يجب علينا طلبها ولينفتح لنا باب الفهم لمطالب أخرى لم تخطر لهم على بال لأنها في نظرهم كانت حاصلة”[59].

تلك هي الأصول المنهجية التي اعتمدها الأستاذ ياسين على نحو مترابط في مراجعاته لتراث الدرس الأصولي آثرنا ابتداء القول فيها قبل الحديث عن موضوعات المراجعة ومستوياتها لأن المنهج متقدم عن إعماله نظرا وعملا.

 

المبحث الثاني: موضوعات المراجعة للتراث المقصدي والأصولي

عند الأستاذ ياسين

إن مشروع المراجعات الفكرية الذي قاده الأستاذ عبد السلام ياسين ضمن مشروعه العام في نظرية المنهاج النبوي كما تميز بالوضوح المنهجي والأصالة القرآنية فيما رأينا آنفا، يتميز فيما سنعرض بشمولية النظر وسعة الأفق وعمق المعالجة، فجاءت المراجعة شاملة للمستويين معا: المستوى الفلسفي المقاصدي، والمستوى المنهجي الأصولي.

أولا: مراجعات على مستوى الدرس المقاصدي:

    إذا كان الدرس المقاصدي يمثل الإطار الفلسفي العام الناظم  لفروع الشريعة وأصولها، ونظامها المعياري الضابط لحركة الاجتهاد الفقهي في الزمان والمكان، فإن البدء بمراجعته، وتقويم قضاياه، مقدم على ما تفرع عنه من فروع الفقه وأصوله، فلا غرو أن نجد للأستاذ ياسين وقفات مطولة وعميقة في مناقشة قضايا الدرس المقاصدي المختلفة نظرا وتطبيقا:

  • المراجعة النظرية للدرس المقاصدي:

استفرغ الأستاذ ياسين وسعه في مناقشة جملة قضايا مقاصدية مركزية في الدرس المقاصدي النظري تشكل في مجموعها مناط التجديد وإعادة البناء في هذا الحقل المعرفي المعياري من التراث العلمي الإسلامي، فما هذه القضايا؟ وما تفاصيل مراجعتها؟

  • مراجعة مبدأ التعليل المصلحي للشريعة:

عرف مبدأ تعليل أحكام الشريعة بالمصلحة في الدرس الأصولي القديم خلافا بين الظاهرية الرافضين للتعليل جملة وتفصيلا وبين جمهور الأصوليين المعللين، وهو خلاف ابتدأ في الدرس الكلامي القديم حول تعليل أفعال الله تعالى بالمصلحة، وذلك بين المعتزلة القائلين بالتعليل مرعاة للحكمة الإلهية وبين الأشاعرة الرافضين للتعليل تنزيها لله تعالى عن الأغراض، وبين الماتردية القائلين بالتعليل تفضلا[60].

ويرى الأستاذ ياسين أن هذا التردد عند القدامى في التعليل متجاوز زمنا وموضوعا، ذلك أن نفي التعليل المصلحي عن الشريعة ينافي أصل الاجتهاد في الشريعة، ويمنع مقتضى التجديد في فروعها وكلياتها، يقول الأستاذ ياسين عن ضرورة التعليل: “لا يصلح للاجتهاد الجماعي من يرون أن كل شيء في الشريعة تعبدي غير معلول. لأننا بطرد القياس نبقى عاجزين عن مواجهة الحاضر والمستقبل، فبذلك نكفر بشرع الله الصالح إلى يوم الدين.[61].

فالقول بالتعليل في الشريعة لا ينافي التعبد بمعناه الواسع بل يندرج تحته، فالتسليم بأن للشريعة مقاصد، ثم العمل على تحقيق هذه المقاصد لايخرج عن أصل التعبد، ومن المقتضيات التشريعية لهذا التعبد في نظر الأستاذ ياسين اعتماد أصل التعليل المصلحي في إدخال تصرفات الناس في كنف الشريعة إحلالا للحق محل الباطل[62].

ولعل الأستاذ في دعوته للتعليل المصلحي في الاجتهاد وجد سندا له فيما أثله المقاصديون الذين نوه كثيرا بعملهم واجتهادهم المؤسس على تعليل تكاليف الشريعة بمصالح العباد، يقول: “وفصل فقهاؤنا الأصوليون العباقرة كيف تُفسر التكاليف الشرعية، على مراتبها، بِعِلَّةِ ضمان مصلحة العباد لكي تضمَن الضروريَّ من حفظ الدين والنفس والنسل والعرض والمال، ولكي توسِّعَ بالمقاصد الحاجية على العباد وترفع عنهم الحرج، ولكي تكمل بالأهداف التحسينية وتجمل.” [63].

غير أن الأستاذ في حديثه عن التعليل المصلحي أثار قضية مركزية غاية في الأهمية اقتضاها واقع الأمة الفكري ألا وهي مفهوم المصلحة المقصودة بالتعليل والتشريع، فهو يرى أن القضية واضحة غير ملتبسة في حديث علماء السلف من الأصوليين المقاصديين، فأفق الآخرة هو المحدد المعياري للمصلحة المطلوبة في الزمن الدنيوي عندهم، إذ “الدنيا عندهم مبنية على الآخرة، والآخرة محمولة على الدنيا، تضمن الشريعة وتطبيقها مصالح العباد في شمولية لا تعرف الانقسام.”[64]، فكانوا رحمهم الله كما وصفهم الأستاذ ياسين “أهل جمع، يحق لنا أن نغبطهم على جمعهم ذاك وانحياشهم إلى الله جل وعلا، ولهجهم بذكره، وانصياعهم للمصير الأخروي، واستحضارهم له. في كل فقرة من كتاب”[65].

فإذا كان العلماء لم يلحوا في حديثهم عن مصالح العباد على شرط ارتباطها بالآخرة فلأن الجو العام الذي عاشوا فيه كان “جو إيمان، وكان الرأي العام رأي إيمان، وكان للآخرة وحقائقها وجود في حياة الناس اليومية، في عباداتهم ومعاملاتهم”[66]، فكان “الإيمان بالبعث والنشور وازعا قويا مشتركا عاصما من الانفلات إلى مثل ما نرى في عصرنا”[67].

أما وأننا نعيش زمن ضمور الآخرة في قلوب عموم الأمة، وجفاف عقول النخبة المغربة في الأمة من مفهوم الآخرة، فالواجب إحياء ثقافة الآخرة في العقول والقلوب لتتحدد المفاهيم وتبنى المعارف على أساسها، خصوصا وأننا في زمن تهاجم فيه تراث الأمة العلمي ويستخف بعلومه، ويتداعى باسم المصلحة والاجتهاد[68] إلى التحلل مما أثله العلماء من أصول وضوابط، من أجل تناول نصوص الشريعة بالرأي السابح بلا قيود في تيارات الهوى[69].

لذلك قرر الأستاذ ياسين أن المصلحة العظمى الناظمة لما سواها هي مصلحة الآخرة، يقول: “علة العِلَلِ في الشريعة وأم المصالح وآخرة الاجتهاد هي إخراج العباد من داعية الهوى ليكونوا عباداً لله كما قال الله جلّ الله: “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”[70](الذاريات:56)، وإلا فالانشغال بالمصلحة الدنيوية المعتبرة شرعا” مع إغفال الغاية الأخروية تشتت وضياع، بل تحريف للكلم عن مواضعه” [71].

والقول بتحكيم المصلحة الأخروية في الدنيوية عند الأستاذ ياسين هو من باب تحكيم المقصد في الوسيلة[72]، إذ لا تنال المصلحة الأخروية إلا بالمصلحة الدنيوية التي سماها القرآن النصيب في قوله تعالى على لسان قوم موسى لقارون الحريص على مصلحة الدنيا المنقطعة عن الآخرة: ” ولا تنس نصيبك من الدنيا ” (القصص:77)، قال الأستاذ ياسين: “وإن توفيرَ هذا النصيب للعباد ضرورة لكيلا تفتنهم الدنيا بالفقر والمرض والجهل والحاجة عن مطلبهم الأخروي”[73]

غير أن هذا النصيب إنما يكتسب معناه واعتباره إذا كان منتظما في سلك المقصد الأصلي في قوله تعالى: “وابتغ فيما آتيك الله الدار الآخرة” (القصص: 77)، أما القصد التبعي المترتب عن هذا الترتيب المصلحي فهو ما عبر عنه الأستاذ ياسين بصفاء قلب العبد من هم الدنيا، ومشغلة الرزق بحفظ النصيب من الأمن والعافية والقوت[74]، مستدلا على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: “من كانت الآخرةُ همَّه جعل الله غِناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همَّه جعل الله فقرَه بينَ عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له”[75]، وبناء على هذا الترتيب المصلحي قرر الأستاذ ياسين أن “الشريعة هي المصلحة وفي حدودها يجتهد العقل “[76].

ب – مراجعة ترتيب المقاصد:

يرجع موجب القول بإعادة ترتيب مقاصد الشريعة عند الأستاذ ياسين إلى أمرين اثنين: أحدهما علمي والثاني عملي، ونقصد بالموجب العلمي طبيعة البناء الترتيبي الداخلي لمقاصد الشريعة في الدرس المقاصدي القديم، حيث كان ترتيب العلماء للمقاصد غارقا في التجريد غير مرتبط على نحو ما بالمقاصد الشرطية أو وسائل تحقيق ما رتبوه من المقاصد، وذلك حسب ما كان يسمح به سيف العض في وقتهم، يشهد لذلك التبويب الفقهي في المدونات الفقهية والحديثية، حيث لا يتميز فيها باب الإمارة والجهاد عن باقي الأبواب رغم أنه العروة الماسكة لكل العرى[77] والذرع الحافظ لتكاليف الشريعة ومقاصدها من جانب العدم، وكذلك التبويب المعتمد في علم الكلام، حيث أدرج مبحث الإمامة على جلالة قدره وعظم شأنه ضمن المسائل العملية، وهكذا.

أما الموجب العملي فيرجع إلى مقتضى واقع الحال، فما كان محفوظا قائما من المقاصد كلا أو جزءا مما يحشى عليه الجناية من جانب العدم تنادوا إلى حفظه والتشبث به، مصداقا لوصف النبي صلى الله عليه وسلم لمسلسل نقض عرى الإسلام حين قال: “فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها “[78]، فما تحدث أهل المقاصد عن ضرورة إعادة كلية الشورى الضائعة استغناء بوحدة الشوكة القائمة في دار الإسلام زمنئذ وإن تحولت هذه الشوكة لاحقا إلى مجرد وحدة رمزية بعد تفكك كثير من الأمصار[79].

وهذا ما جعل الأستاذ ياسين يلح في الدعوة إلى إعادة النظر “فيما رتبه علماؤنا من قبلنا في حديثهم عن مقاصد الشريعة”[80]، انطلاقا من متطلبات واقع الأمة ومستقبلها انسجاما مع أصله المنهجي في مراجعاته للتراث[81]، وإلا فترديد ما رتبه العلماء وفق إكراهات زمانهم ومتطلباته دون فحص ومراجعة ردة منهجية وسقوط معرفي، يقول الأستاذ: “نكون إن رددنا اجتهادات من سبقونا بالإيمان غفر الله لنا ولهم بدون أن نحدد لأنفسنا مطالب أو نرسم لأنفسنا خططا أحط من الانحطاط”[82]، لذلك كله ألفينا الرجل يدعو إلى ترتيب مقاصدي أولوي على النحو التالي:

المقصد الأسمى:

إن المقصد الأسمى الذي ينبغي إعلاؤه وجعله ينتظم ما سواه في نظر الأستاذ ياسين ” هو أن يكون الدين كله لله، وأن لا تكون فتنة في الأرض، وأن يدخل الخلق جميعا في طاعة الله ليحققوا الغاية التي من أجلها وجد العالم. “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ” (الذاريات:56)[83]، فالتمكين للدين في الأرض، وانتفاء الفتنة بين الخلق، هو ما يمكن الخلق من معرفة الله وعبادته، والتعبير عن هذا المقصد بهذه الكيفية وبهذه الصيغة فيه أصالة قرآنية واضحة مبنى ومعنى، فقد تكرر في كتاب الله تعالى هذا المقصد، كما في قوله تعالى: ” وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ” (الأنفال:39)، وقوله تعالى: “وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله” (البقرة:192)، كما يشهد لهذا المقصد آيات عديدة منها قوله تعالى الذي يحدثنا عن قواعد الاستخلاف في الأرض ومنها التمكين للدين وانتفاء فتنة الخوف والشرك: “وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا”(النور:53).

كما يحيلنا هذا المقصد من عبارته على وسائل تحقيقه المتجددة في كل زمان ومكان، فدفع الفتنة وجلب التمكين للدين مقصود شرعا على الدوام والاستمرار، لكن وسائل ذالك الدفع وخطط هذا التمكين مفتوحة على الاجتهاد الذي لا ينقطع.

مقصد وحدة الأمة:

لا شك أن وحدة الأمة مقصد شرطي إذا ما قورن بمقصد التمكين للدين والعبودية الاختيارية لله، ذلك أن الأمة المخاطبة بالاستخلاف في الأرض ليست أمة متناثرة أفرادها مجزأة أوطانها، وإنما هي أمة متماسكة على قاعدة قول الله تعالى: “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ” (آل عمران:103)، وقوله تعالى: “إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون” (الأنبياء:91)، ومتلاحمة كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”[84]، لهذا الإلحاح الشرعي على وحدة الأمة، ولضياع هذه الوحدة في التاريخ، أصر الأستاذ ياسين على إحياء هذه الفريضة العظمى في الأذهان حتى ييسر الله قيامها في الأعيان، فقال: “وحدة دار الإسلام -بيت الإسلام- ضرورة ملحة وواجب شرعي وأمل عزيز على الأمة “[85]، لأنه السبيل لاستعادة القوة للأمة “ولا قوة إلا بوحدة المسلمين – عربا ثم عربا وعجما – ولا بقاء في عالم التكتلات لكيان هزيل”[86].

وما يؤكد ضرورة هذه الوحدة ورفعها إلى مصاف الأولوية المقاصدية العظمى عند الأستاذ حال واقع الأمة الممزق ثقافيا، والمشتت جغرافيا، المستباح دوليا[87]، وهو حال يختلف عن حال الأمة يوم تحدث علماؤنا عن المقاصد دون أن يلحوا على مقصد الوحدة “فهم كانوا يعيشون وحدة شعوب جمعها الإسلام لا تكاد تشعر بالتفرقة التي فرقتها الإمارات السَّيْفية، واللغة والسحنة والقطر. لم يكن يقدح في وحدتهم تلك وجود خلافات مذهبية يعيشون صراعاتها الكلامية أو العنيفة داخل إطار الوحدة لا خارجه”[88]، فهي وحدة قسرية مخرومة القواعد التي بنيت عليها الوحدة زمن النبوة والخلافة الراشدة من شورى وعدل وإحسان ولم تدم سوى ثلاثين سنة[89].

وبمقتضى أصل وحدة الأمة واعتبارا بمآلها التاريخي يلح الأستاذ ياسين على أن الوحدة المقصود بناؤها “لا تكون إلا بالحكم الشوري الضامن وحده أن يسود العدل والإحسان”[90]، لكن هذا المقصد العزيز يتوقف تحقيقه في نظر الأستاذ ياسين على مقاصد شرطية دونها، وهي دولة الخلافة التي تمثل الإطار العام الناظم للوحدة، لذلك سماها الأستاذ أبا المقاصد[91]كما سمى وحدة الأمة أم المقاصد[92]، ثم تدرج إلى الوسيلة الشرطية لتحقيق المقصدين وتنفيذهما ممثلة فيما سماه “إنشاء جماعة منظمة تكون دعوة وتؤسس دولة الخلافة”[93]، وذلك “على صيغ تدريجية حسب الإمكان”[94].

ج- مراجعة صيغة المقاصد:

بحث الأستاذ ياسين موجب قول علماء المقاصد بصيغة الحفظ للمقاصد الضرورية، وذلك قولهم: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال، فوجده راجعا إلى حال الزمان الذي عاشوه، إذ كان لهم حينئذما يحفظ من كيان مستقل له حرمته “وفي ظله كانوا يحتضنون ما تبقى متماسكا من عرى الإسلام”[95]، كما أنهم كانوا متحررين من أي ضغط حضاري، فقد كانوا يتكلمون “من موقع استعلاء حضاري،لم يكن أمامهم أي تحد معنوي يصول عليهم بتفوق نموذجه؛ لذلك كان حفظ ما عندهم غاية سُؤْلهم”[96]، لكن واقع الأمة الآن في نظر الأستاذ ياسين يختلف تماما عن ذلكم الواقع التاريخي، فقد ضاع من الأمة الكثير مما كان يحرص العلماء على حفظه، فيلزم بمقتضاه اختلاف أحكام علاج هذا الواقع، والتماس المناسب الملائم لحاله، فاقترح  الأستاذ، على هذا الأساس، التعبير بصيغة الطلب بدلا من صيغة الحفظ، لأن “ما ضاع منا كثير وأن ما بقي آئل إلى ضياع إن لم ننهض للطلب، طلب الإسلام كله، طلب الإيمان بشعبه، طلب الخلافة على منهاج النبوة، طلب الشورى والعدل والإحسان”[97].

فلما كان الأمر كذلك كان الأولى في نظر الأستاذ “أن نعبر عن مقاصد الشريعة في صيغ مطلبية لا حفاظية، فنقول : مطالب الشريعة هي كذا وكذا”[98]، ثم تصنف هذه المطالب حسب الأستاذ تصنيفا أولويا مترابطا ومتكاملا بما يفضي إلى ” توفير الضرورات البدنية، والنفسية، والاجتماعية للعبد حتى يتفرغ العبد للجهاد إلى ربه في سبيل ربه”[99]، لأن الترتيب الأولوي للمقاصد في نظر الأستاذ يختلف من زمان إلى زمان لارتباطه بمطالب الأمة ومصالحها على الأرض جلبا أو دفعا، فقد يتاح لنا الآن من مطالب ما كانت أبوابه موصدة في عصور الابتلاء القدري بالعض والجبر حسب تعبير الأستاذ[100]، كما أن الكثير مما كان مسلما محفوظا بوجه ما غائب مفقود الآن وجب على الأمة طلبه.

والتعبير بصيغة الطلب يستوجب الترتيب الأولوي للمطالب حسب مقتضى الزمان، والوسع الجماعي للأمة، كما يقتضي تحديد وسائل مناسبة لتحقيق تلك المطالب والعقبات الواقعة والمتوقعة عند التنفيذ، وإعداد الكيان الذي تناط به مهام تنفيذ المطالب، وغير ذلك مما يستلزمه النظر إلى أوامر الشريعة ونواهيها من زاوية الطلب لا من زاوية الحفظ[101]، وهكذا يحاول الأستاذ أن ينحو بالدرس المقاصدي المنحى الإجرائي العملي بعيدا عن التجريد النظري، لتصبح مقاصد الشريعة معايير مسددة وموجهة لفعل الإنسان فردا وجماعة على الأرض.

ولهذا المقترح المقاصدي سلف يسنده من كبار أهل الفن المؤسسين، هو الإمام الجويني الذي تفاعل بفكره المقاصدي مع واقع زمانه الذي تنخره عوامل الإفساد فاقترح التعامل مع واقع الزمان بثنائية الطلب والحفظ: “طلب ما لم يحصل وحفظ ما حصل”[102]، وهو ما يدل على أن زمان الجويني فيه مصالح حاصلة وجب حفظها، وأخرى غائبة لزم طلبها، وبذلك يكون مقترح الأستاذ ياسين امتدادا لمنهج الجويني لكن في صيغة متجددة مناسبة لمقتضى واقع جديد غابت فيه معظم مقاصد الشريعة يتعين طلبها، يقول الأستاذ ياسين مفسرا مقترحه “ولنتتبع تقسيمهم لمقاصد الشريعة لنكتشف في كل موقع دعوا إلى حفظه مضيعة يجب علينا طلبها ولينفتح لنا باب الفهم لمطالب أخرى لم تخطر لهم على بال لأنها في نظرهم كانت حاصلة “[103].

د- قصد الشارع وقصد المكلف:

وقف الأستاذ ياسين وقفة تأمل مع قصد المكلف في علاقته بقصد الشارع لما له من أهمية في مصيره عند الله، فعلى قصد المكلف يدور مصيره نعيما مقيما أو عذابا أليما، وأعماله صلاحا أو فسادا، فقصد المكلف الأصلي هو الذي يرسم مصيره الأخروي، بينما القصد التبعي يحدد مصير أعماله الدنيوي، يقول الأستاذ ياسين: “ونقف وقفة لتأمل قصد المكلف، قصده بالنية والتوجه الصادقين أو الفاسدين إلى مولاه خالقه ورازقه يحدد مكانته الأصلية عند الله: إما مسلم مؤمن، أو مشرك كافر، أو منافق يتردى أسفل سافلين. والقصد الثاني يكون بالأعمال الفرعية صالحة أو سيئة”[104].

ومن خلاله هذه المقدمة النظرية يقتنص الأستاذ وفق منهجه المعتاد ما يسدد عمل المكلفين على الأرض ويقوم سلوكهم  من معايير، فاعتبر علاقة قصود المكلفين بقصد الشارع معيارا ثابتا في تصنيف الناس صنفين: “فإمَّا يكونُ المكلف مطيعا لأمر ربه، مريدا للآخرة، ثم طامحا لرضى الله، ثم طامعا في النظر إلى وجه الله. وإما يكون عبدا لهواه، ولذته، وأنانيته “[105]، وهذا التصنيف يثمر في نظر الأستاذ سلوكا وعملا في الحياة: ” ذاك يسعى للآخرة وسعادة الآخرة فهو مع الشريعة سامعا لها مطيعا واثقا أن فيها رعايَة مصلحته الكلية الواصلة بين الدنيا والآخرة. وهذا يسعى سعي الدنيا، فمن يخرجه من داعية هواه؟”[106].

وهكذا تدرج الأستاذ في قراءته لقصود المكلفين في ضوء قصد الشارع إلى مصب العمل ومحل الإشكال ومكمن الداء، وهو كيف يتحرر الإنسان من داعية هواه لينتقل من دائرة العبودية الاضطرارية إلى فضاء العبودية الاختيارية وفق عبارة الإمام الشاطبي[107]، ومسلك تحرير المكلف من داعية هواه يبدأ حسب الأستاذ ياسين من تمكينه من ضروريات المعاش حتى لا تفتنه عن طلب الآخرة، يقول: “وإن توفيرَ هذا النصيب للعباد ضرورة لكيلا تفتنهم الدنيا بالفقر والمرض والجهل والحاجة عن مطلبهم الأخروي”[108].

وهنا يحيل الأستاذ ياسين على الثنائية المقاصدية الكبرى التي ينبني عليها مشروعه الحضاري الكبير “إقامة الخلافة الثانية على المنهاج النبوي” ألا وهي العدل والإحسان، فبالعدل يؤمن مصير الأمة في التاريخ، وبالإحسان يأمن الفرد على مصيره عند ربه.

  • المراجعة التطبيقية للدرس المقاصدي:

لقد أعمل الأستاذ ياسين نظره المقاصدي في مراجعة وإحياء مقاصد عدد من القضايا الفقهية العملية تطبيقا لمراجعاته المقاصدية على المستوى النظري كما رأينا قبل، وذلك في سياق مشروع نظرية المنهاج النبوي، ولعلي أكتفي بذكر نموذجين اثنين:

أولهما: تقصيد الزكاة:

لقد دعا الأستاذ ياسين إلى إحياء فريضة الزكاة بما يحقق مقاصدها الأصلية والتبعية لينتفع معطي الزكاة وآخذها، بعيدا عن الصور العبثية لأداء هذه الفريضة عند آحاد المسلمين ممن دفعهم وازعهم الإيماني، بعد أن انسحبت الدولة من الموضوع، واختارت نظاما ماليا آخر، ومن المقاصد التي يرى الأستاذ تحقيقها من الزكاة ما يلي:

مقصد الإحسان: ويتمثل فيما يعود على المزكي من التزكية والتطهير ونيل بركة الدعاء النبوي[109]، مصداقا لقول الله تعالى: “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم” (التوبة:104).

مقصد العدل الاجتماعي: ويتمثل فيما تحققه فريضة الزكاة حين تؤدى بالكيفية الشرعية من ضمان العيش الكريم، وتمكين مختلف شرائح المجتمع المستضعفة المنصوص عليها في القرآن من حقهم في مال الله توزيعا عادلا، يغنيهم جميعا أو بعضهم عن العطالة وإشراكهم في التنمية كل حسب صنعته ومؤهلاته[110]، لأن الإنسان إذا استعبد وضيق عليه في معاشه فقد سائر حرياته، وإن عاش طفيليا على المجتمع بالكسب الحرام من ظلم وابتزاز وغش وكسل ودروشة، خان قانون العبودية[111]، فالزكاة في نظر الأستاذ ” تمثل مادة أساسية لإعادة قسمة الثروات “[112]

مقصد العدل الاقتصادي: وذلك بتوفير المال وتجميعه واستثماره في مشاريع تنموية أولوية للأمة، فإنما شرعت الزكاة أصلا في المال النامي لدفع صاحبه للاستثمار مخافة أن تأكله الزكاة[113]، ويعتبر الأستاذ الاستثمار في المشاريع التنموية جهادا[114] ملحا وواجبا شرعيا ” لنزع ربقة التبعية من أعناقنا “[115]، ومهمة أولى وثانية وثالثة في حق الأمة للخروج من بؤرة الانحطاط[116].

ثانيهما: تقصيد المال:

عالج الأستاذ ياسين المسألة المالية معالجة مقاصدية عميقة ومفصلة في مختلف كتاباته لما لها من أهمية في قيام الأمم وذهابها، فهي عصب الحياة للأفراد والأمم ومقصد شرعي ضروري، فلا يستقيم التعامل مع القضية المالية في نظر الأستاذ إلا إذا تأسست في وعي المسلمين وسلوكهم أن المال ” مال الله أساسا ومال الأمة استخلافا ومال زيد أو عمرو انتفاعا مؤقتا مشروطا بألا يضر امتلاك الفرد بمنافع الأمة “[117].

فعلاقة المرء بالمال من حيث كسبه وإنفاقه وإدارته يجب أن يكون محكوما بمقاصد هذه الملكية المزدوجة: الملكية الأصلية لله، والملكية الاعتبارية للإنسان[118]، فيثمر ذلك منافع فردية واجتماعية دونما تعارض، يقول الأستاذ ياسين: “فتحصيل المنفعة وأداء الوظيفة الاجتماعية شرط مشروط على المالك الفردي، والسعي لتعميم المنفعة والتعاون على أداء تلك الوظيفة شرط مشروط على الجماعة، ومراقبة العملية الاقتصادية للتعريف بما هو نافع وتخطيط كيفية الانتفاع والسهر على أن تؤدى وظيفة المال الاجتماعية شرط مشروط على الدولة “[119].

فالأستاذ ياسين حاول هنا أن يضع ثنائية الانتفاع الفردي والاستخلاف الجماعي المتعارضة في عرف الاقتصاديات العالمية موضع الانسجام والتوافق على أساس من الضبط المقاصدي ممثلا في ثنائية العدل والإحسان، يقول الأستاذ: “ومحور هذه الضوابط الشرعية العدل وامتداده وهو الإحسان “[120].

ثانيا: مراجعات على مستوى الدرس الأصولي:

    تناول الأستاذ عبد السلام ياسين في مراجعاته التراث الأصولي بعمق واستفاضة، فكشف عن قيمته العلمية، وعن موقعه الوظيفي ضمن العلوم الشرعية، وعن جوانب القصور فيه، وعن آفاق التجديد فيه، وغير ذلك من جوانب المراجعة والتقويم، نتناول ذلك بتفصيل على النحو الآتي:

  • تثمين تراث علم أصول الفقه:

تعامل الأستاذ ياسين مع التراث  الأصولي بعقلية نقدية فاحصة موضوعية منصفة تتوسط عقليتين سلبيتين[121]: إحداهما تقدس التراث وترفعه إلى مرتبة نصوص الوحي، وثنتاهما تدنسه وتنحط به إلى أسفل دركات الفكر الإنساني، فكانت نظرة الأستاذ للتراث الأصولي نظرة تثمين وتقدير واعتزاز حيث اعتبر ما أثله أهل الأصول “حصاد مبارك أنفس ما فيه وأجدره البقاء والاعتزاز علم أصول الفقه، وهو علم الاجتهاد، وهو ضابط الاجتهاد”[122]، وتبرز نفاسة هذا العلم وبركته فيما قدمه من خدمة علمية جليلة لفقه الدلالة اللغوية، فهو علم يضبط “دلالة الألفاظ على المعاني فلا يضع الحقيقة مكان المجاز، ولا الخاص مكان المشترك، ويصرف المفهوم عن المنطوق، ويحدد الشروط التي تنتقل بالمعنى من دلالته الحقيقية إلى إشارته المجازية”[123].

وينبني هذا التقدير المنصف للتراث الأصولي عند الأستاذ ياسين على حجم الجهود العلمية المبذولة في بنائه عبر الزمن الطويل، فعلى “محك المناظرة والتمحيص والنقد مدى قرون فحص العلماء الأفذاذ رضي الله عنهم الأدلة الشرعية، فرتبوها على درجات من القوة والضعف، ووضعوا المحكم مكان المنار الذي يسترشد به الخاص والعام، والمتشابه وضعوه في قيد أولي العلم والذكر الذين يسألهم من لا فقه معه”[124].

لذلك اعتبر الأستاذ التراث الأصولي أساسا علميا وجب التسليم بما تقرر من أصوله القطعية للبناء عليها[125]، كالإجماع والقياس والمصالح المرسلة بعد الأصلين النقليين الكتاب والسنة، لأن “كل تلك القواعد مهاد كفَوْنا رحمهم الله تسويته”[126]، وهي الأساس العقلي الخادم للأصل النقلي الذي لا يجوز بحال التفريط فيه، بحيث:  لا نكون إلا مبذرين سفهاء إن لم نعتمد على المتين منه”[127].

ومن مظاهر القوة والنضج التي كشف عنها الأستاذ ياسين في الدرس الأصولي تفوق منهجه ومتانة بنيته على منهج وبناء الدرس المنطقي اليوناني الذي اختلط بالدرس الأصولي في القرن الخامس الهجري مع الإمام الغزالي وابن حزم الظاهري ومن سار على دربهم، في حين رفضه آخرون لضعف مباحثه[128]، وهو ما فسره الأستاذ ياسين بقوله: ” لأن منطق اليونان يتكئ على ميتافزيقا وعلى فيزيقا ماديتين مخالفتين لعقيدة المسلمين مخالفة لغة اليونان للغة القرآن”[129]، لكن علماء المسلمين طوروا المنطق المشترك بين النظار وأدمجوه في السياق الثقافي الإسلامي[130].

أما التفوق المنهجي لعلم الأصول على علم المنطق فيرجعه الأستاذ ياسين إلى اعتماد العلوم الإسلامية عموما وعلم الأصول خصوصا على الاستقراء القائم على التجربة، يشهد لذلك ما قام عليه مبحث القياس الأصولي من منهجية السبر والتقسيم والمناسبة والشبه والطرد والدوران وتحقيق المناط وغيرها من أوجه المنهجية التجريبية العملية، بخلاف الآلة المنطقية اليونانية التي قامت على المنهجية الاستنتاجية النظرية، وهذا الفرق المنهجي هو سر التقدم الكبير والتطور السريع للعلوم الإسلامية في نظر الأستاذ ياسين[131].

  • مراجعة أصل الاجتهاد:

يصنف الاجتهاد في المدونات الأصولية الكبرى القديمة مبحثا رابعا من مباحث علم أصول الفقه الكبرى، بعد مباحث الأحكام والأدلة وطرق الدلالة، ورتبه بعض المتأخرين[132] في مبحث الأدلة أصلا ثالثا بعد الكتاب والسنة ، في حين سماه الأستاذ ياسين علم الاجتهاد مرادفا لعلم أصول الفقه[133]، وذلك لما يمثله الاجتهاد من أصل ثابت عليه مدار تنزيل الشريعة في كل زمان ومكان تحقيقا لأصل خلود الشريعة، والقواعد الأصولية إنما أسست وتقعدت لتأمين وضبط أصل الاجتهاد، وهذا ما جعل الإمام الشوكاني يصف علم الأصول بأنه “فسطاط الاجتهاد وأساسه الذي تقوم عليه أركان بنائه”[134]، من حيث هو الواسطة البشرية بين مقتضى نصوص الوحي ومطلوب حياة الناس في الزمان والمكان.

ونظرا لعلو مكانة الاجتهاد ومركزيته في دوام استثمار هدي الشريعة من نصوصها لحياة الأمة كانت عناية الأستاذ ياسين بالاجتهاد مراجعة وتقويما وضبطا وتوسيعا كبيرة، بحيث أثار في هذه المراحعة كثيرا من قضايا الاجتهاد منهجا وموضوعا تشكل في مجموعها صياغة جديدة معاصرة لمؤسسة الاجتهاد قادرة على الإجابة عن أسئلة الزمن وتحديات المستقبل.

  • مراجعة الاجتهاد في منهجه:

ركز الأستاذ كثيرا في مراجعته لأصل الاجتهاد على الرؤية المنهجية التي تحكمه، والموجب التاريخي لاعتماد تلك الرؤية من قبل الأصوليين، فلاحظ أن الاجتهاد الأصولي قائم في مجمله على النظر الجزئي لاستنباط الأحكام الجزئية لأسئلة جزئية نابعة مما عاشه الناس من إسلام فردي قرونا عديدة، يقول الأستاذ: “كان الاجتهاد فيما مضى قضية فردية، كان إسلام المكلفين فرديا تحت مظلة شوكة الإسلام، فتطابق اجتهاد المفتي والقاضي مع اهتمام المسلمين كل في خويصة نفسه أو مشاكله في دوائر محصورة”[135]، أما ما يقتضي النظر الكلي من القضايا الكبرى كإدارة الدولة والمال العام وتسيير الجيوش فمدفوع عنها المجتهد مقصي عن دائرتها، فإن أبدى رأيه في “السياسة الشرعية” فإنما هو آمر بالمعروف ناه عن المنكر من خارج وفي حدود لا ينبغي أن يتعداها “[136].

وهذا المنهج الجزئي في الاجتهاد لا يقوى وحده في نظر الأستاذ ياسين على استنباط الإجابة العلمية الكلية المطلوبة الآن وبعد الآن لما يطرح من أسئلة كلية، وعلى “تغطية الفضاء الواسع للمقاصد الشرعية، من حيث كونها مطالب لإنشاء أمر تلاشى والدفاع عن حوزة استبيحت، ومن حيث مناط التكليف الجماعي في الدعوة، ومن حيث سيادة الدعوة على الدولة، أي سيادة القرآن على السلطان لا العكس”[137]، لذلك وجب إتمام وإصلاح الاجتهاد في نظر الأستاذ باعتماد النظر الكلي لداعيين اثنين:

أحدهما: داعي الواقع الذي استفحل “وتفاقمت مشاكله، وأمعن في الشرود عن الدين، وتجاوز كل ما ورثناه من فقه حتى أصبح مناط الأحكام فيه لا يكاد يبين”[138]، فأصبحت الأسئلة التي تتطلب الإجابة في نظر الأستاذ من قبيل “من أين نمسك الواقع لندخله في حوزة الشرع، كيف نراوده، كيف نرغمه، كيف نتدرج إلى تطويعه؟ “[139]، وهي أسئلة كلية لا ينفع معها النظر الجزئي، فالعلة ،كما يقول الأستاذ، سياسية اجتماعية اقتصادية كلية[140] تقتضي بالضرورة أحكاما كلية تناسب مناطاتها.

ثانيهما: داعي الشرع إلى استئناف الاجتهاد فيما نص عليه إجمالا لبيان تفاصيله فيما يلائم الزمان والمكان والموضوع، فما نص عليه الشرع تفصيلا معدود محدود، وغيره مما وردت أصوله وكلياته واسع ممدود، يقول الأستاذ ياسين: “لو جمعنا النصوص الواردة في القرآن والسنة بخصوص تنظيم الحكم والشورى، وبخصوص اختيار الإمام وتوزيع السلطة، وبخصوص شكل الحكومة لَمَا وجدنا ما يُشَكِّلُ نظرية سياسية جاهزة منغلقة. إنما نجد الخطط الرئيسية الواضحة التي تمنعنا من التيه أو التردد، وتترك لنا مجالا لنجتهد لكل عصر فيما يَصْلُح به أمرُنا “[141]، خصوصا وأن “مجال العقل أوسعُ وأبعدُ مدى فيما لم يرِدْ فيه نص خاص”[142].

وما يصلح به أمرنا في عصرنا في نظر الأستاذ ياسين الاجتهاد المؤسس للتصور العام “للحكم الإسلاميِّ، والاقتصاد الإسلاميِّ، والحل الإسلاميِّ لمشكلات المجتمعات المسلمة في إطار الشريعة، وفي أفُقِ المستقبل، وعلى نطاق الإنسانية جمعاء”[143].

ب – مراجعة الاجتهاد في أصوله:

يرى الأستاذ ياسين أن الاجتهاد المعاصر المؤسس على النظر الكلي إنما ينبني على المرجعية العليا للاجتهاد التي يعتصم بها أن يزل ممثلة في ” كتاب الله وسنة نبيه، وقياسِ العقل التقيِّ المتخصص، وإجماعِ علماء الأمة المتحررين من ربقة الحكم الجبري”[144]، ثم ينطلق هذا الاجتهاد في التماس “مصلحة الأمة عبرَ وقائع تتجدد وتتعقد، لا نهايةَ لتنوعها”[145]، بناء على أن الشريعة في نظر الأستاذ ليست مجرد نصوص لفظية، وإنما هي مصلحة كذلك في ظلها يجتهد المجتهد، قال: “الشريعة هي المصلحة وفي حدودها يجتهد العقل”[146].

فحجية الأصول العليا للاجتهاد وثباتها أمر مسلم مدى الزمان عند الأستاذ، إنما المراجع عنده النظر إلى الشريعة نصوصا ومصالح، ومفهوم العالم الذي يصدر منه الاجتهاد المعتبر والإجماع المعتمد كما سيأتي في الشروط.

ج- مراجعة الاجتهاد في شروطه:

يرى الأستاذ ياسين أن الشروط التي وضعها علماء الأصول لتأمين أصل الاجتهاد، منها ما هو ثابت مستمر الصلاحية يتعين اعتبارها في استئناف الاجتهاد المعاصر، ومنها ما هو جزئي ينبغي توسيعه ليتوافق وطبيعة تحديات الاجتهاد المعاصر، ومنها ما كان مسلما مضمرا عند علماء الأصول القدامى وجب إبرازها الآن.

إظهار المضمر من الشروط في الاجتهاد:

شرط الاجتهاد المركزي الذي ينبني عليه ما سواه من الشروط هو الشرط التربوي الإيماني الذي كان مسلما عند علمائنا قبل هذا الزمان، يقول الأستاذ ياسين: “كانت عدالة العلماء وتقواهم وإيمانهم بالله رب العالمين واعتصامهم بشريعته أمرا مسلما”[147]، ولذلك لم يفصل علماء الأصول في حديثهم عن شروط الاجتهاد سوى عن الشروط المعرفية[148]، أما الشرط التربوي فكانت الإشارة إليه عرضا كما نجد عند الجويني في قوله: “الإجماع المنعقد من حملة الشريعة من أهل الثقة والإيمان”[149] لكن موجب إبراز هذا الشرط في وقتنا أقوى في نظر الأستاذ ياسين، حيث يقول: “في زماننا كثر المنافقون عليمو اللسان، لذلك نسبق شرط أن يكون المجتهدون الشوريون المتشاورون من أهل الإيمان والإحسان. لا نأخذ إيمانهم أمرا مسلما حتى نعرف ذلك عنهم ببرهان الصدق نقتضيه منهم على محك الأيام والأحداث والصبر على الجهاد”[150].

فهذه التحديات المستجدة في وقتنا التي تواجه الاجتهاد نقضا والشريعة هدما، جعلت الأستاذ ياسين يواجهها بما يكشف عن زيف أدعياء الاجتهاد بقوله: “أول شروط الاجتهاد التقوى وهي خوف الله، والعَمَلُ المخلص الصادق مع الله. يجتهد المتقي ومعه مؤهلات العلم فيخطئ ويصيب”[151]، وهو شرط لا يعرف ولا يقبل غيره في المجتهدين في تاريخ الاجتهاد، إذ لايتصور صدور الاجتهاد إلا من تقي[152].

فليس حديث الأستاذ عن الشرط التربوي في الاجتهاد إذن مجرد صد ظاهرة التآمر على الشريعة، بقدر ما هو حديث عن  الأساس الضامن للاجتهاد أن ينتج العلم النافع، مصداقا لقول الله تعالى: “إنما يخشى الله من عباده العلماء” (فاطر:28)، وهذا ما يبرزه بوضوح حين قال: “فمشاركة القلب بنورانية التوبة والاستغفار وذكر الله عز وجل والافتقار واللَّجَإِ إليه، وقرعِ بابه الكريم مشاركةٌ حاسمة في اجتهاد العقل. بل العقلُ الذي لا يفيضُ عليه القلبُ المستنيرُ بنور الإيمان والإحسان يبقى في ظلمة العقلانية، أسيراً في يد الهوى، طريحا في غياهب الغفلة والعياذُ بالله”[153].

تكميل الشروط الحاصلة في الاجتهاد:

الشروط المعرفية:

يرى الأستاذ ياسين في الشروط المعرفية التفصيلية التي اتفق عليها الأصوليون مازالت صالحة شرط تكميلها بما يقتضيه الاجتهاد المعاصر من إدراج تلك الشروط التفصيلية في سلك كليات مطلبية[154]، وهذه الشروط المتفق عليه عند الأصوليين كما ذكر بها الأستاذ هي العلم بالكتاب والسنة والناسخ والمنسوخ وقضايا الإجماع وبلسان العرب وعلم أصول الفقه[155]، وهي مؤهلات المجتهد الفرد الذي يجتهد للقضايا الفردية،والمطلوب أن نتحدث عن الشروط المؤهلة للاجتهاد المعاصر، لأن تلك الشروط لو اجتمعت في نظر الأستاذ “في رجل لما استطاع في عصرنا أن يحيط بالوسائل الضرورية لتحقيق المقاصد الشرعية. يلزمه فقه دقيق بهذه المقاصد وهي قد التبست في العقول وفترت في النيات وغابت في الواقع. كيف يصوغها مطالب، كيف يوقظ الأمة النائمة، كيف يكون حزب الله، كيف يربيه، كيف يزحف به إلى بناء الدين ثم حفظه “من جانب الوجود وجانب العدم” دعوة ودولة”[156]، وهي شروط معرفية كلية متكاملة تؤهل المجتهد لاستنباط ومعالجة ما الأمة في أمس الحاجة إليه.

التكامل في شروط الاجتهاد:

فلئن اعتبر الأستاذ ياسين الشرط التربوي أساسا ينبني عليه الشرط المعرفي في الاجتهاد فعلى أساس التكامل بينهما دونما فصل، لأن أي قصور في أحد الجانبين يسقط أهلية الاجتهاد عن المرء في نظر الأستاذ، بحيث “لو اقتحم باب الاجتهاد في دين الله وفقه شريعة الله تقيٌّ ما معه آلات الاجتهاد وعلومه لأوقفناه مخافةَ إفساده في الدين عن حسن نية وعن جهل وقصور. فكيف والمنافقون الجاهرون طَوْرا وطورا بإلحادهم أو إسلامهم اللفظي يطالبون بحقهم في الاجتهاد، كأن الاجتهاد ساحة يتقلب فيها بهلوانات المنطق الفلسفي، والمصلحية المتحررة من كل قيد”[157].

وليس ضرر قلة الإيمان أقل من ضرر قلة المعرفة في نظر الأستاذ ياسين، لذلك لزم حصول الشرطين معا، يقول الأستاذ مبينا لزوم التكامل: “فإما يكون هذا العقل العالم من التقوى بمكانٍ فلا يَسُدُّ الفراغ التفصيلي ببنيات الهوى. وإما يكون اطِّلاعُهُ أكثرَ من تقواه، أو عِلْمُه بالنصوص أقلَّ من علمه بالواقع، أو معرفتُه بالواقع أقلَّ من معرفته للأصول فيملأ الفراغَ التفصيليَّ بما يُضَيِّعُ مصلحة الأمة”[158].

شرط العضوية الدعوية:

ينفرد الأستاذ ياسين في حدود علمي باشتراط العضوية في الدعوة إلى الله في المجتهد، ويقصد بذلك أن يكون المجتهد مهتما بأمر أمته وحريص على شريعة ربه والدعوة إليها، وذلك دفعا لسلبية العالم المجتهد الذي لا يكترث بحال أمته ولا يتفاعل مع همومها ولا يحرص على مستقبلها، يقول: “لابد أن يكون أهل الاجتهاد من أهل الدعوة، من صميمها، ممن يحيون بها، ويتنفسون روحها، ويحملون همها، ويغضبون على “الاختلال الواقع والمتوقع فيها”. إن كانوا أصحاب أوراق وكراريس ونصوص وتجريد وتقليد، إن كانوا عقولا تدور على ألسنة عليمة والقلب فارغ فلن يكونوا إلا طامة أخرى تأتي على الدين “من جانب العدم”[159].

ولما كانت الدعوة إلى الله تنبني على منهج في العلم والمعرفة، كانت صورة هذه الدعوة الآن في العالم مدارس دعوية متعددة، يفترض في العالم المجتهد الداعية أن يكون على رأس واحدة من هذه المدارس، لذلك ربط الأستاذ هذا الشرط بالانتماء لجماعة دعوية من باب تحصيل حاصل عند العلماء الذين يعملون بعلمهم، فقال: “العضوية في جماعة من جماعات الدعوة، ثم جماعة المسلمين الموحدة العالمية، جاد الله لنابها بكرمه، شرط في المجتهدين أهل الشورى والعدل والإحسان”[160].

شرط الحرية في الاجتهاد:

إن جلالة منصب الاجتهاد ومكانته في الشريعة وأثره في حاضر الأمة ومستقبلها لا يصح أن يشتغل أهله في غير أجواء من حرية القول في دين الله والفعل في أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الله ألزمهم البيان للناس ونهاهم عن الكتمان في قوله تعالى: “لتبيننه للناس ولا تكتمونه”(آل عمران:187)، وألزم الأمة قصدهم بالسؤال فيما لا يعلمون في قوله تعالى: “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون” (النحل:43).

كما أن انتفاء شرط الحرية في الاجتهاد زمن العض والجبر قاد الاجتهاد إلى الانحصار في عمومه في القضايا الفردية وإنتاج فقه الاضطرار بتوسع كبير في القضايا السياسية، فكان لا بد من التركيز على حرية الاجتهاد والبحث عنها في نظر الأستاذ ياسين، حيث يقول: “حريةُ الاجتهاد تبقى حلْماً إن بقي الحكمُ في أيْدٍ غيرِ معترفة بأنَّ الحكمَ ليس إلا لله، ومُسْتبدةٍ بالكلمة والقرار، غيرِ مستعدة لإشراك أحد من علماء الأمة فيه “[161]، لذلك رأى الأستاذ في التحرر من سلطان الإكراه شرطا أساسا في الاجتهاد المعتبر والإجماع المعتمد[162].

د- مراجعة الاجتهاد في صيغته:

من نقائص الاجتهاد القديم في نظر الأستاذ ياسين صيغته الفردية التجزيئية التي لا تقوى الآن على الإجابة عن أسئلة الزمان المتشابكة المعقدة التي تقتضي معارف مختلفة ومهارات متنوعة لأن “مشاكل العصر، وتشعب مهماتنا، ومخلفات النقل، واختلاف الإرادة والعقل، لا ينهض لها مجتهد واحد ولا أفراد مجتهدون. لا بد من اجتهاد جماعي[163]. لا بد من مجلس للاجتهاد”[164]، لمجابهة ما يطرح علينا الآن من إشكالات “ناشئةٌ ومتأثَرَةٌ بعواملِ الاقتصاد، والاجتماع، والابتكار العلمي، وتقارُب الزمان والمكان بما حدث من وسائل المواصلات، وانشطار العالم إلى دول مستكبرة وأخرى مستضعفة، والتَّنَافس على الهيمنة العالمية…”[165].

لذلك فالأمثل للزمان وللموضوع في نظر الأستاذ ياسين ” أن يجتمع أفذاذ علماء الأمة كلها من كل الأقطار لهذا الاجتهاد”[166]، على شرط أن يكون مجموع معارف ومؤهلات أعضاء مؤسسة الاجتهاد مزدوجة ومتكاملة، فيها المعرفة بما هو مطلوب شرعا في المطلق، وما هو ممكن في واقع متحرك مشتبك معقد[167]، وهذا يقتضي أن يكون إلى جانب التخصصات الشرعية من تفسير وحديث وفقه وأصول خبراء في “جميع مجالات الحياة ليساعدوا رجال الشريعة على تحقيق مناط الأحكام، وابتنائها بالصيغ الصالحة للتطبيق بما يؤدي للمصلحة”[168].

ويقترح الأستاذ ياسين أن ينتقل الاجتهاد في الكليات من الفردية إلى المؤسسة المنظمة، لأن “الاجتهادَ لهذه النوازل المشتبكة لن تستطيع النهوضَ به إلا جماعة منظمة من العلماء ذوي الاختصاصات المتعددة”[169]، وهذه المؤسسة المنظمة يقترح الأستاذ أن يكون على رأسها أمير يدبر الاختلاف بين المجتهدين، ويرجح حين يتعذر الوفاق[170].

ه- مراجعة الاجتهاد في علوم المناط

إذا كان تحقيق المناطات في الاجتهادات السابقة تتم بخبرات فردية لوقائع جزئية في أجواء من بساطة الحياة، فإن تحقيقها الآن يتطلب معارف شتى نظرا لتعقد وتشابك المناطات، مما يستدعي في تحقيق المناط المعاصر خبراء في مختلف التخصصات “يحددوا لنا مآل أمرنا المرجوَّ. الأصلُ الاجتهاديُّ مثلا القائلُ بأن الضروراتِ تبيح المحظورات يفتح ذريعة للترخص أو التشديد…. والاقتصادي الخبير يفسر لنا أن إغلاق مصارف الربا قبل تهييء نظام مصرفي إسلاميِّ يهدد القومة الإسلامية بخطر محقَّق، فيُفتي المجتهدون بأن يبقى التعاملُ بهذه المصارف ريثما تبدل، بناء على تقدير الاقتصادي الذي بيَّن وجه الاضطرار”[171].

وبناء على ما تقدم يقرر الأستاذ ياسين أن القضايا الكبرى المنتصبة الآن أمام الاجتهاد الفقهي لا ينفع معها غير الاجتهاد الجماعي ذي التخصصات العلمية المتنوعة، لأن من يجهل الواقع المتنوع المتداخل المتشابك الممتنع لا يكون قادرا على الاجتهاد [172].

و- مراجعة الاجتهاد في مراحله:

إذا كان الأصوليون تحدثوا عن مراتب الاجتهاد وعن إمكان تجزئه، وتميز الشاطبي بتقسيم الاجتهاد إلى ما ينقطع وهو الاجتهاد الاستنباطي وما لا يمكن أن ينقطع وهو الاجتهاد التنزيلي الذي سماه الاجتهاد في تحقيق المناط[173]، فإن الأستاذ ياسين تميز كذلك بنظرته إلى الاجتهاد من زاوية حاجيات الأمة المرحلية وأولوياتها الزمنية، فجعل بناء دولة القرآن وسيادة الشريعة معيارا فاصلا بين مرحلتين تقتضي كل واحدة اجتهادا معينا في الجملة، فالاجتهاد قبل بناء الحكم الإسلامي ينبغي في نظر الأستاذ أن ينصرف أساسا إلى الكليات، وبعد بناء الدولة وتهيئ أجواء تنزيل الشريعة يأتي الاجتهاد التفصيلي، يقول الأستاذ: “اجتهادُنا قبل الوصول للحكم اجتهادُ كليات. ويجيء تقنين الاجتهادِ في الفروع عندما نكون مسؤولين عن تطبيق الشريعة إن شاء الله تعالى. نهيئ الأجوبة الإجمالية عن كل ذلك منذ الآن لكيلا نُفاجَأ”[174].

ومستند مذهب الأستاذ في هذا التقسيم فقه المرحلة الزمنية التي تعيشها الأمة وما تقتضيه من أولويات، واعتبار الاجتهاد عملية علمية مواكبة لحاجيات الأمة المرحلية، فبناء وترتيب كليات الشريعة في واقع غابت عنه منذ زمن طويل مقدم على استنباط الفروع[175]، والوسيلة الشرطية لذلك بناء الحكم الإسلامي، يقول الأستاذ: “نجتهد لنصل إلى الحكم، ونجتهد قبل وصولنا للحكم، وبعده، باستقلالِ مَنْ يحمل هما غَير هَمِّ الفقهاء الذين اجتهدوا لعصور كانت تحكُمها الشريعة في الجملة”[176].

ز- مراجعة الاجتهاد في علاقته بالجهاد:

إذا كان الاجتهاد فريضة علمية نظرية مسددة، فالجهاد فريضة عملية ضامنة لتنزيل مقتضى الاجتهاد وحفظه من جانب العدم، لذلك ذهب الأستاذ ياسين إلى وجوب الترابط بين الاجتهاد والجهاد ترابطا يفرضه وجوب التكامل والتساند في وظائفهما المطلوبة، فوظيفة الاجتهاد العظمى في نظر الأستاذ أن يجمع شتات العلم في كليات، في حين تروم وظيفة الجهاد جمع شتات الأمة في سلك نظام الخلافة الجامع[177]، ويبين الأستاذ عمليا هذا الترابط بين الجهاد والاجتهاد حين اعتبر بناء جماعة المسلمين لبنة لبنة حتى التوحيد الكامل عبر أقطار التجزئة وبناء حكم شوري وعدل وإحسان مناط الجهاد الأساس لتحقيق المقاصد الشرعية، ويأتي الاجتهاد حيا مواكبا لحركة حية ممهدا في المجال الفقهي لتقدم الركب الإيماني الذي رباه الإحسان، وحركه الغضب لله [178].

وبناء على هذه العلاقة المطلوبة بين الاجتهاد والجهاد في نظر الأستاذ ياسين، ينبغي أن يصدر الاجتهاد من همم عالية ونفوس مجاهدة يحكمها أفق واسع، وهو النظر “من أعلى إلى الأمور، من جانب القرآن، والسلطان واقف بين يديه للخدمة، وأن ينظروا بعيدا إلى أفق وحدة الأمة وإقامة العدل والشورى، وحمل رسالة رب العالمين للعالمين”[179]، وعليه تعين أن يكون الاجتهاد “باستقلالِ من ينوي أن يقتحم حصون العدو ويموتَ في سبيل الله، أو يستخلفَه الله في الأرض ليحملَ أعباءَ الحكم، ويوطد لشريعة الله في الأرض، ويحرر الإنسانيَّة، ويبتكر حضارةً تلائم مقاصد الإسلام”[180].

وقد ذهب الدكتور القرضاوي من المعاصرين مذهب الأستاذ في بيان علاقة الترابط والتكامل بين الاجتهاد والجهاد كما كان الأمر زمن النبوة والخلافة الراشدة، حيث قال: “وعند التأمل نجد أن كلا المفهومين يكمل الآخر ويخدمه، فالاجتهاد إنما هو لون من الجهاد العلمي، والجهاد إنما هو نوع من الاجتهاد العملي”[181].

ح- عوائق الاجتهاد المعاصر:

لعل مراجعة الأستاذ لشروط الاجتهاد وتفصيل القول فيها يرجع إلى حرصه على ضبط وحفظ منصب الاجتهاد من عبث العابثين، وتجرؤ المتجرئين، ممن ليسوا من أهل الشأن، وتمكين الاجتهاد في الوقت نفسه من ورود الآفاق المطلوبة والقضايا المقصودة، وقد أجمل الأستاذ ياسين عوائق الاجتهاد المعاصر الكلية في أمرين اثنين متناقضين:

أحدهما عائق التقليد: والتقليد مناف للاجتهاد أصلا ومثبط للمجتهدين فعلا، فالمصاب بعاهة التقليد غير مستعد للانفكاك عن نمط تفكير متجاوز لا يناسب الزمان ولا حال أهله، يقول الأستاذ: “بالتقليد من تحت لفكر من قبلنا وآرائهم لا يمكن أن نبني إلا بناء تقليديا يجمد على النمط الموروث”[182]، كما أن الجمود على ظواهر النصوص دون مقاصدها يعيق صاحبه عن النظر إلى معالي الأمور مما اقتضته نصوص الشريعة ومقاصدها، لذلك أطلق الأستاذ دعوته: “ولا نتحَجَّرَ على حرفية النصِّ صُمّاً بُكما لا نعقل مراد الله وهو المصلحة العليا لأمة رسوله صلى الله عليه وسلم، أمةِ الاستجابة وهم المسلمون الذين ورثوا الإسلام أو اختاروه بالفعل، وأمَّةِ الدعوةِ وهم الإنسانيةُ كلُّها التي تنتظر مخرجا من ضَيْقها، ومُخَلِّصاً من قبضة الشيطان وجنوده”[183].

ثانيهما: عائق التسيب والجرأة على الشريعة من قبل من سماهم الأستاذ “إسلامولوجيين”[184]، وهم من لا يؤمنون بربانية هذه الشريعة أصلا، ويرونها مجرد نصوص تاريخية يمكن لكل من تسلح بمنهجيات قراءة النصوص أن يتناولها بالتفسير والتأويل كباقي المجتهدين وإن كان فاقدا لشروط الاجتهاد، يقول الأستاذ: “ويجيء مقتحم لم يطّلع على ما أثّلَه سلفنا الصالح، ولم يبلغه عنه خبر، أو بلغه فتكبّر واحتقر، فيزعم أن تلك العقول القديمة وما أفرزته تُراث مجيد يُحتَفَل به ويوضع على الرف”[185]، لذلك تجده هؤلاء الإسلامولوجيين حسب عبارة الأستاذ يقودون دعوة عريضة إلى تجاوز علم أصول الفقه الضابط للاجتهاد ليتأتى لهم ما يريدون من السباحة الحرة في نصوص الشريعة[186].

فهما عائقان خطيران أفرزهما الواقع المعاصر دعا الأستاذ ياسين إلى وجوب دحضهما وتجاوزهما إلى أفق الاجتهاد الشرعي المطلوب، لما يمثلانه من طرفي النقيض: نقيض التسيب والإفراط عند التيار العلماني ونقيض القصور والتفريط عند أهل التقليد.

فتلك هي المعالم الكبرى لمراجعة الأستاذ ياسين للدرس المقاصدي والأصولي بشقيها المنهجي والموضوعي، أرجو أن أكون قد وفقت في حسن معالجتها وتمام عرضها وترتيبه.

 

خاتمة

بعد هذه الجولة في فضاء مراجعات الأستاذ ياسين للتراث المقصدي والأصولي، أورد ما خلصت إليه من خلال هذا البحث من نتائج علمية مشفوعة ببعض التوصيات للمؤتمر، وذلك في شكل عوارض موجزة:

  • اعتمد الأستاذ ياسين في مراجعته للتراث المقصدي والأصولي منهجا ثلاثي الأصول وهي أصل تحكيم القرآن، والأصلان الآخران متفرعان عنه وهما: مراجعة التراث في السياق التاريخي، واعتبار حال الزمان وأهله.
  • حكم الأستاذ في مراجعاته للتراث الأصولي ثلاث كليات قرآنية هي الشورى والعدل والإحسان أثبت كليتها ومعياريتها.
  • اعتبر الأستاذ حدث تحول الحكم الإسلامي من نظام الخلافة إلى ملك عضوض فاصلا حاسما بين مرحلتين في تاريخ الاجتهاد، مرحلة الاجتهاد الكلي، ومرحلة الاجتهاد الجزئي.
  • إن اعتبار الأستاذ ياسين حال الزمن وأهله في مراجعته جعله يدرك اختلاف المناطات بين الاجتهاد القديم والاجتهاد المعاصر، كما يدرك ما ضاع من مصالح الأمة مما كان محفوظا سلفا.
  • يعد الأستاذ ياسين من المناصرين للتعليل المصلحي للشريعة كلها، حيث تميز بتوسيع دائرة التعبد حتى شملت دائرت التعليل وانتظمتها دون معارضة، وجعل مصلحة الدنيا المعتبرة منتظمة في سلك مصلحة الآخرة.
  • أعاد الأستاذ ياسين النظر في ترتيب مقاصد الشريعة في ضوء واقع الأمة، فجعل التمكين للدين كله المقصد الأسمى ، ووحدة الأمة أم المقاصد الآن.
  • راجع الأستاذ صيغة المقاصد الحفظية التي ناسبت زمن ظهورها، فاقترح استبدالها بصيغة مطلبية التي تلائم واقع ضياع المصالح.
  • أعمل الأستاذ النظر المقاصدي في قضايا تطبيقية عديدة كالزكاة والمال فنظمهما في سلك مقصدي العدل والإحسان نفعا للفرد والجماعة معا.
  • اعتبر الأستاذ التراث الأصولي صادرا عن منهج جزئي فرضه السياق التاريخي، ينبغي تجاوزه إلى المنهج الكلي ليقوى على استنباط الأحكام الكلية.
  • راجع الأستاذ ياسين شروط الاجتهاد فأظهر ما رآه مضمرا فيها كالشرط التربوي الذي جعله ناظما للشروط المعرفية ومحصنا لها.
  • أضاف الأستاذ ياسين إلى شروط الاجتهاد شرط العضوية الدعوية للمجتهد، وشرط الحرية في قوله وفعله.
  • يعد الأستاذ ياسين من أوائل المنادين بالاجتهاد الجماعي منذ السبعينيات من القرن الماضي، القائم على المعرفة المزدوجة: معارف الوحي وخبرات الواقع.
  • قسم الأستاذ ياسين مراحل الاجتهاد إلى مرحلتين رئيستين: مرحلة ما قبل الوصول إلى الحكم الإسلامي وهي مرحلة الاجتهاد في الكليات، ومرحلة ما بعد الحكم، وهي مرحلة الاجتهاد التفصيلي في سياق الاجتهاد الكلي.
  • أجمل الأستاذ ياسين عوائق الاجتهاد المعاصر في عائق التقليد وعائق التسيب.

أما التوصيات فنورد ما يلي:

  • اعتماد مؤتمر نظرية المنهاج النبوي تقليدا أكاديميا كل ثلاث سنوات.
  • إصدار مجلة علمية محكمة مختصة في الفكر المنهاجي للأستاذ عبد السلام ياسين.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

 

 

 

 

لائحة المصادر والمراجع

القرآن الكريم برواية ورش عن نافع

  • باروت محمد جمال ، الاجتهاد: النص الواقع المصلحة، سلسلة حوارات القرن الجديد، بيروت: دار الهادي، ط1/2006م.
  • البخاري أبو عبد الله محمد، الجامع الصحيح، تحقيق مصطفى ديب البغا ط3 دار ابن كثير اليمامة بيروت 1407هـ-1987م.
  • البيهقي السنن الكبرى، تحقيق محمد عبد القادر عطا، مكة المكرمة: دار الباز، 1994م.
  • الترمذي، أبو عيسى محمد، الجامع الصحيح للترمذي، دار ابن حزم، 2002م، بيروت.
  • الجويني إمام الحرمين عبد المالك، الغياثي غيات الأمم في التياث الظلم، تحقيق احمد عبد الرحيم السايح وتوفيق علي وهبة، القاهرة: مكتبة الثقافة الدينية، ط 1/2011م، وتحقيق فؤاد عبد المنعم ومصطفى حلمي، الإسكندرية: دار الدعوة /1979م.
  • ابن حنبل مسنده أحمد، بتحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرين، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط2، 1999م.
  • الدارمي، عبد الله بن عبد الرحمن، سنن الدارمي، تحقيق فواز أحمد زمرلي وخالد السبع، بيروت: دار الكتاب العربي، ط.1، 1407هـ.
  • الرازي فخر الدين، المحصول من علم الأصول، تحقيق طه جابر العلواني، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط3/1997م.

رفيع محماد:

  • معالم الفكر الأصولي المالكي من خلال فكر الباجي الأصولي، الأردن: عالم الكتب الحديث، ط1/2011م.
  • النظر المقاصدي رؤية تنزيلية، القاهرة: دار السلام، ط1/2010م.
  • النظر المقاصدي وأولوياته الراهنة، أعمال الندوة العالمية “مقاصد الشريعة وسبل تحقيقها في المجتمعات المعاصرة بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، 2006م.
  • شباب الأمة بين سؤال الوعي التاريخي وإشكال بناء الرؤية المستقبلية، القاهرة: دار السلام، ط 1/2011م.
  • طه عبد الرحمن، تجديد المنهج في تقويم التراث، البيضاء: المركز الثقافي العربي، ط3/2007م.
  • الكفوي أبو البقاء، الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، تحقيق عدنان درويش ومحمد المصري، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط 1/1992م.
  • مسلم أبو الحسين بن الحجاج، الجامع الصحيح، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي دار إحياء التراث العربي بيروت بدون تاريخ ولا رقم الطبعة.
  • نصر حامد أبو زيد، نقد الخطاب الديني، القاهرة: سيناء للنشر، ط1 /1992م.
  • ابن عاشور الطاهر، تفسير التحرير والتنوير، تونس: دار سحنون بدون تاريخ .
  • ابن عطية الأندلسي، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق المجلس العلمي بتارودانت ، المغرب طبعة وزارة الأوقاف المغربية /1982م.
  • علي حسب الله، أصول التشريع الإسلامي، مصر: دار المعارف، ط 4/1971م.
  • القرضاوي يوسف، الاجتهاد في الشريعة الإسلامية، الكويت: دار القلم، ط2.
  • الشاطبي أبو إسحاق، الموافقات في أصول الشريعة تحقيق عبد الله دراز، بيروت: دار الكتب العلمية، ط 3/2003م.
  • الشوكاني محمد بن علي، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، تحقيق محمد سعيد البدري، بيروت: دار الفكر، ط1/1992م.

ياسين عبد السلام:

  • ياسين عبد السلام، الإحسان، البيضاء: مطبعة الأفق، ط 1/ 1998م.
  • إمامة الأمة، بيروت: دار لبنان للطباعة والنشر، ط1/ 2009م.
  • تنوير المومنات، بيروت: دار لبنان للطباعة والنشر، ط1/2003م.
  • الحوار مع الفضلاء الديمقراطيين، البيضاء: مطبوعات الأفق، ط 1/1994م.
  • الخلافة والملك، البيضاء: مطبعة الأفق، ط1/2001م.
  • الرسالة العلمية، دار لبنان للطباعة والنشر ط1/2003م.
  • محنة العقل المسلم بين سيادة الوحي وسيطرة الهوى، البيضاء: مطبوعات الأفق، ط1/1994م.
  • المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا، ط 2/1989.
  • نظرات في الفقه والتاريخ، المحمدية: مطبعة فضالة، ط1/1989م
  • العدل الإسلاميون والحكم، البيضاء: مطبعة الأفق، ط 1/2000م.
  • في الاقتصاد البواعث الإيمانية والضوابط الشرعية، البيضاء: ط2/2003م.
  • الشورى والديمقراطية، البيضاء: مطبوعات الأفق، ط1/1996م.

 

 

[1] – ينظر قولا مفصلا في نماذج من تلك المناهج طه عبد الرحمن، تجديد المنهج في تقويم التراث، البيضاء: المركز الثقافي العربي، ط3/2007م، ورفيع محماد، شباب الأمة بين سؤال الوعي التاريخي وإشكال بناء الرؤية المستقبلية ص15 وما بعدها، القاهرة: دار السلام، ط 1/2011م.

[2] – ينظر ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص24، المحمدية: مطبعة فضالة، ط1/1989م

[3] – ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص23.

[4] – ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص22.

[5] – ياسن عبد السلام، المصدر السابق ص 33.

[6] – نفسه ص63.

[7] – نفسه ص 32.

[8] – ينظر المصدر السابق ص 18 و 19 و 23 و 32.

[9] – نفسه ص33.

[10] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص95.

[11]– وهذه نكتة مقاصدية لطيفة من الأستاذ، فيها إشارة إلى أن الكليات لا تثبت حجيتها بالأدلة الآحادية وإنما تثبت بمجموع أدلة لا تنحصر في باب واحد حسب عبارة الشاطبي رحمه الله. ينظر الشاطبي أبو إسحاق، الموافقات في أصول الشريعة تحقيق عبد الله دراز 1/26، بيروت: دار الكتب العلمية، ط 3/ 2003م.

[12] – ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص21.

[13] – ينظر المصدر السابق.

[14] -ينظر ياسين عبد السلام، العدل الإسلاميون والحكم ص163، البيضاء:مطبعة الأفق، ط 1/2000م.

[15] – ينظر المصدر السابق ص163.

[16] – ينظر المصدر السابق ص555.

[17] –  المصدر السابق ص554.

[18] – ينظر المصدر السابق ص163.

[19] – المصدر السابق ص555.

[20] – نفسه ص554.

[21] – لأن الشورى عند الأستاذ لها وظيفة الإجماع ومقاربة للإجماع ومحاولة له. ينظر ياسين عبد السلام، الإحسان 1/163، البيضاء: مطبعة الأفق، ط 1/ 1998م.

[22] – ينظر ياسين عبد السلام، الإحسان 1/161.

[23] – ينظر ياسين عبد السلام، العدل ص549.

[24] – المصدر السابق ص561.

[25] – نفسه

[26]– ابن عطية الأندلسي، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق المجلس العلمي بتارودانت، المغرب طبعة وزارة الأوقاف المغربية / 1982م

[27]– الكفوي أبو البقاء، الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، تحقيق عدنان درويش ومحمد المصري، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط 1/1992م. ص 639.

[28]– ابن عاشور الطاهر، تفسير التحرير والتنوير 5/94، تونس: دار سحنون بدون تاريخ .

[29] –  المصدر السابق 14/254.

[30]– ياسين عبد السلام، العدل ص202.

[31]– ياسين عبد السلام، في الاقتصاد البواعث الإيمانية والضوابط الشرعية ص190، البيضاء: ط2/ 2003م

[32]– نفسه ص197.

[33] –  ينظر ياسين عبد السلام، المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا ص 250.

[34] – ياسين عبد السلام، في الاقتصاد ص 191.

[35] -ينظر ياسين عبد السلام، العدل ص 550.

[36] – ياسين عبد السلام، في الاقتصاد ص 189.

[37] – ينظر الإحسان لعبد السلام ياسين 1/17 فما بعدها ط.1 – 1998 مطبوعات الأفق المغرب.

[38] – البخاري في كتاب الإيمان باب سؤال جبريل، ومسلم في كتاب الإيمان باب الإيمان والإسلام والإحسان .

[39] –  تكرر وروده في القرآن .

[40] –  مسلم في كتاب الصيد والذبائح باب الأمر بإحسان الذبح والقتل .

[41] – ينظر رفيع محماد، النظر المقاصدي وأولوياته الراهنة 1/ 126–127، أعمال الندوة العالمية “مقاصد الشريعة وسبل تحقيقها في المجتمعات المعاصرة بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، 2006م

[42] – ينظر رفيع محماد، شباب الأمة بين سؤال الوعي التاريخي وإشكال بناء الرؤية المستقبلية ص27.

[43] – ينظر ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص10، والخلافة والملك ص11 وما بعدها، البيضاء: مطبعة الأفق، ط1/2001م.

[44] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص16.

[45] – ينظر ياسين عبد السلام، المرجع السابق ص 26.

[46] – ياسين عبد السلام، المرجع السابق ص11- 12.

[47] – ياسين عبد السلام، المرجع السابق ص 72.

[48] – ينظر ياسين عبد السلام، العدل: الإسلامون والحكم، البيضاء: مطبعة الأفق، ط1/  ص 66.

[49] – ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص 85.

[50] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص98.

[51] – ينظر الشاطبي أبو إسحاق، الموافقات 4/71.

[52] – ياسين عبد السلام، المنهاج النبوي ص 222.

[53] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص 109.

[54] – نفسه ص 52.

[55] – ينظر ياسين عبد السلام، إمامة الأمة ص 213- 214، بيروت: دار لبنان للطباعة والنشر، ط1/ 2009م.

[56] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص96.

[57] – ينظر ياسين عبد السلام،نظرات في الفقه والتاريخ ص77.

[58] – ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص109.

[59] – نفسه ص96.

[60] – تنظر تفاصيل هذا الموضوع في: الرازي فخر الدين، المحصول من علم الأصول، تحقيق طه جابر العلواني 5/172 – 196، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط3/ 1997م.

[61] – ياسين عبد السلام، المنهاج النبوي ص207.

[62] – ينظر ياسين عبد السلام، المصدر السابق.

[63] – ياسين عبد السلام، العدل ص144.

[64] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص 91.

[65] – المصدر السابق ص 93. ويرى الأستاذ أن من النماذج الرائعة  لكتب علمائنا الأقدمين التي ارتبط فيها العلم بالآخرة كتاب الموافقات للشاطبي، ينظر المصدر السابق.

[66] – ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص91.

[67] – نفسه.

[68] – ينظر نموذجا من هذ القول في: نصر حامد أبو زيد، نقد الخطاب الديني ص 99، القاهرة: سيناء للنشر، ط1/1992م، ومحمد جمال باروت، الاجتهاد: النص الواقع المصلحة ص139، سلسلة حوارات القرن الجديد، بيروت: دار الهادي، ط1/2006م.

[69] – ينظر ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص29- 30، وقد كان للأستاذ وقفة نقدية كاشفة لأحد أساطين هذا التيار وهو حسن حنفي في فصل الجنايات من المصدر السابق.

[70] – ياسين عبد السلام، العدل ص150.

[71] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص93.

[72] – ينظر ياسين عبد السلام، العدل ص189.

[73] – ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص 149.

[74] – ينظر ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص 150.

[75] – الترمذي في السنن، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب 30، والدارمي في السنن، المقدمة، باب الاقتداء بالعلماء.

[76] – ياسين عبد السلام، العدل ص 144.

[77] – ينظر ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص 78.

[78] – ابن حنبل في مسنده، من حديث أبي أمامة الباهلي، بتحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرين، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط2، 1999م، وانظر كذلك البيهقي فيالسنن الكبرى، في شعب الإيمان، باب في التمسك بما عليه الجماعة، تحقيق محمد عبد القادر عطا، مكة المكرمة: دار الباز، 1994م.

[79] – ينظر ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص77.

[80] – ياسين عبد السلام، المصدر السابق 52.

[81] – ينظر الأصل المنهجي الثالث في المبحث الأول.

[82] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص 83.

[83] – نفسه ص 52.

[84]– مسلم في الجامع الصحيح، كتاب البر والصلة والآدب، باب تَرَاحُمِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَعَاضُدِهِمْ، والبخاري في الجامع الصحيح، كتاب الأدب، بَاب رَحْمَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ، وغيرهما.

[85]– ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص47.

[86]– ياسين عبد السلام، في الاقتصاد، ص239.

[87] – ينظر ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص77.

[88] – نفسه ص96.

[89] – ينظر ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص76.

[90] – نفسه ص 78.

[91] – ينظر ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص109.

[92] – ينظر ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص77.

[93] – نفسه ص109.

[94] – ياسين عبد السلام، في الاقتصاد، ص 239.

[95] – نفسه ص54، وينظر ص95.

[96] – نفسه ص98.

[97] – نفسه ص 96.

[98] – نفسه ص 54.

[99] – نفسه ص 102.

[100] – ينظر ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص108- 109.

[101] – ينظر ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص54.

[102] – الجويني أبو المعالي، غياث الأمم في التياث الظلم، تحقيق فؤاد عبد المنعم ومصطفى حلمي 1/148، الإسكندرية: دار الدعوة/1979م.

[103] – نفسه ص96.

[104] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص87.

[105] – ياسين عبد السلام، العدل ص149.

[106] – نفسه.

[107] – ينظر الشاطبي أبو إسحاق، الموافقات 2/168.

[108] – ياسين عبد السلام، المصدر السابق.

[109] – ينظر ياسين عبد السلام، العدل ص189.

[110] – ينظر ياسين عبد السلام، المصدر السابق.

[111] – ينظر ياسين عبد السلام، في الاقتصاد ص75.

[112] – نفسه ص54.

[113] – ينظر ياسين عبد السلام، العدل ص189.

[114] – ينظر ياسين عبد السلام، الحوار مع الفضلاء الديمقراطيين ص188.

[115] – ياسين عبد السلام، المنهاج النبوي ص203.

[116] – ينظر ياسين عبد السلام، في الاقتصاد ص237.

[117] – نفسه ص44.

[118] – ينظر رفيع محماد، النظر المقاصدي رؤية تنزيلية ص81– 82، القاهرة: دار السلام، ط1/ 2010م.

[119] – ياسين عبد السلام، في الاقتصاد ص44.

[120] – ياسين عبد السلام، المصدر السابق.

[121] – ينظر رفيع محماد، شباب الأمة بين سؤال الوعي التاريخي وإشكال بناء الرؤية المستقبلية ص22- 23.

[122] – ياسين عبد السلام، حوار مع الفضلاء الديمقراطيين ص 45.

[123] – نفسه.

[124] – نفسه ص 46.

[125] – ينظر ياسين عبد السلام، الرسالة العلمية ص 36، دار لبنان للطباعة والنشر ط1/2003م.

[126] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص 23.

[127] – ياسين عبد السلام، الرسالة العلمية ص 15.

[128] – تنظر تفاصيل إشكال المنطق في الشرعيات في رفيع محماد، معالم الفكر الأصولي المالكي من خلال فكر الباجي الأصولي ص335، الأردن: عالم الكتب الحديث، ط1/2011م.

[129] – ياسين عبد السلام، محنة العقل المسلم بين سيادة الوحي وسيطرة الهوى ص87، البيضاء: مطبوعات الأفق، ط1/1994م.

[130] – ينظر المصدر السابق.

[131] – ينظر ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص88.

[132] – كعلي حسب الله في كتابه أصول التشريع الإسلامي.

[133] – ينظر ياسين عبد السلام، حوار مع الفضلاء الديمقراطيين ص45.

[134]– ينظر الشوكاني محمد بن علي، إرشاد الفحول إلي تحقيق الحق من علم الأصول – (2/97).

[135] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص72.

[136] – نفسه.

[137] – نفسه ص 82.

[138] – نفسه ص72.

[139] – نفسه.

[140] – ينظر ياسين عبد السلام، تنوير المومنات 1/269، بيروت: دار لبنان للطباعة والنشر، ط1/2003م.

[141] – ياسين عبد السلام، إمامة الأمة ص218، بيروت: دار لبنان للطباعة والنشر، ط1/2009م.

[142] – ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص 235.

[143] – نفسه ص 210- 211.

[144] – نفسه ص 233.

[145] – نفسه ص 234.

[146] – ياسين عبد السلام، العدل ص144.

[147] -ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص73.

[148] – فالشاطبي على سبيل المثال اجمل شروط الاجتهاد في كفايتين معرفيتين: فهم مقاصد الشريعة والتمكن من الاستنباط. ينظر الشاطبي أبو إسحاق، المصدر السابق 4/76.

[149] – الجويني إمام الحرمين عبد المالك، غياث الأمم في التياث الظلم ص292، تحقيق احمد عبد الرحيم السايح وتوفيق علي وهبة، القاهرة: مكتبة الثقافة الدينية، ط 1/2011م.

[150] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص73.

[151] – ياسين عبد السلام، الشورى والديمقراطية ص73، البيضاء: مطبوعات الأفق، ط1/1996م.

[152] – نفسه ص74.

[153] – ياسين عبد السلام، إمامة الأمة ص 245.

[154] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص 82.

[155] – ينظر ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص82- 83.

[156] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص83.

[157] – ياسين عبد السلام، الشورى والديمقراطية ص73.

[158] – ياسين عبد السلام، إمامة الأمة ص235.

[159] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص122.

[160] – نفسه ص108.

[161] – ياسين عبد السلام، إمامة الأمة ص214.

[162] – نفسه ص233.

[163] – ينظر ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص72، وإمامة الأمة ص237، والمنهاج النبوي ص207.

[164] – ياسين عبد السلام، المنهاج النبوي ص207.

[165] – ياسين عبد السلام، إمامة الأمة ص228.

[166] – ياسين عبد السلام، المنهاج النبوي ص209.

[167] – ينظر ياسين عبد السلام، الشورى والديمقراطية ص75.

[168] – ياسين عبد السلام، إمامة الأمة ص238.

[169] – ياسين عبد السلام، إمامة الأمة ص237.

[170] – ينظر ياسين عبد السلام، المنهاج ص207.

[171] – ياسين عبد السلام، إمامة الأمة ص239.

[172] – ينظر ياسين عبد السلام، حوار مع الفضلاء الديمقراطيين ص51.

[173] – ينظر الشاطبي أبو إسحاق، الموافقات 4/64 فما بعدها.

[174] – ياسين عبد السلام، إمامة الأمة ص212.

[175] – ينظر ياسين عبد السلام، إمامة الأمة ص211.

[176] – نفسه ص213.

[177] – ينظر ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص17.

[178] – ينظر المصدر السابق ص74.

[179] – ياسين عبد السلام، المصدر السابق ص83.

[180] – ياسين عبد السلام، إمامة الأمة ص213.

[181] – القرضاوي يوسف، الاجتهاد في الشريعة الإسلامية ص2.

[182] – ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص82.

[183] – ياسين عبد السلام، إمامة الأمة ص232.

[184] – ينظر ياسين عبد السلام، حوار مع الفضلاء الديمقراطيين ص 46، والشورى والديمقراطية ص73.

[185] – ياسين عبد السلام، الشورى والديمقراطية ص 74.

[186] – ينظر ياسين عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ ص82، وحوار مع الفضلاء الديمقراطيين ص45.