الرؤية القرآنية للثورة وإعادة البناء من خلال كتابات الأستاذ عبد السلام ياسين

د. أحمد زقاقي،
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين – المغرب
مقدمة
يشكل القرآن الكريم بالنسبة للمسلمين المعين الذي لا ينضب، والناصح الذي لا يغش، وهو مصدر للهداية والأفكار والأذكار، وعليه مدار الحياة العلمية والروحية، بحفظه، وتلاوته، وتدبره، والعمل به، ولعل جل العلوم الإسلامية كان سبب نشأتها هو خدمة القرآن الكريم، وكلما تقدم الناس في الزمان ازدادت حاجتهم للقرآن، وأهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وإذا كانت الوقائع المستجدة تتطلب بيان حكم الشارع فيها؛ فإن العلماء مدعوون إلى ممارسة اجتهاد يؤلف بين الرؤية القرآنية والحكمة البشرية، ويراعي اختلاف الناس في الأفهام، والقدرات، والاستعدادات، وإن أهم ما شهدته منطقتنا العربية أخيرا هو تداعي الكثير من شعوبها إلى التحرر من تسلط الحكام الظلمة الذين صادروا حرياتها في اختيار من يحكمهم ويسوسهم، عبر ثورات سلمية ومسلحة ـ على سبيل الإلجاء لا على سبيل الابتداء ـ لأن العنف لا يأتي بخير، ويكفي تلك الثورات أن تنجز المهمة الأولى وهي: كسر حاجز الخوف في نفوس الناس، ليتم التفرغ لمهام البناء الشاقة والطويلة والمحفوفة بالمخاطر. إن المطلع على كتابات الأستاذ عبد السلام ياسين سيقف على نظرات دقيقة في مسار الثورات ومآلاتها وشروط نجاحها، والعقبات التي تعترضها، ولقد بدأ عملَه التأصيلي بتخليص مصطلح “الثورة” مما شابه من الفلسفات المادية التي ربطته بالعنف، والسعي إلى إفناء طبقة لتحل محلها طبقة أخرى؛ لذلك نبه على الملامح القرآنية الكبرى لما سماه “القومة” بدل مصطلح “الثورة”، ومن تلك الملامح القرآنية خلص إلى بيان مجموعة من المستفادات العملية والنظرية.